للدولة الوطنية المدنية التي تمثّل الرهان الآمن الآن الدور الأهم في امتصاص وإزالة التوتر المذهبي أو المناطقي داخل المجتمع.
فالدولة المدنية؛ دولة للدمقرطة والتسامح والمساواة في الحقوق والواجبات، كما لحكم المؤسّسات ومنع المواطنين من انتهاك بعضهم بمختلف الذرائع، ما لا يمكن للعصبية الطائفية فيها أن تزدهر أبداً، لأنها ليست مع الانحياز إلى طرف مجتمعي ضد آخر، فيما تتعامل مع المواطنين كمواطنين قبل أي شيء؛ معترفة بهم كأحرار متكافئين ومتساويين بغض النظر عن هويّاتهم الفرعية.
ومن هنا لا يمكن في ظل الدولة المدنية أن تتفشّى قيم العنف والإقصاء والتحريض والترهيب ولغة السلاح، مثلما لا يمكن لمواطن تطبيق أشكال العقاب على مواطن آخر حسب ما يجري في المجتمعات المتخلفة ذات الدول الطائفية مثلاً.
فالدولة المدنية دولة المواطن كمواطن في الأصل بعيداً عن هويّته الدينية أو العرقية، وهي لذلك أرقى شكل للدولة توصّل له الإنسان بعد صراعات وحروب شتّى؛ لأنها دولة تصون كل أعضاء المجتمع بلا استثناء لتمثّل مرجعية أساسية لهم كونها أولاً وأخيراً مع انتماء أفراد المجتمع إليها بحكم مواطنتهم لا بحكم عشائرهم أو مذاهبهم.