ليس ثمة مبرر أو عذر للصمت الذي تبديه السلطات المحلية والأجهزة الأمنية في بعض المحافظات الجنوبية إزاء قيام العناصر الانفصالية برفع الأعلام الشطرية على أسطح المنازل أو في بعض الطرقات وهو صمت يتسق مع تلكؤها أو تهاونها في ضبط العناصر الانفصالية والتخريبية التي تنفذ أعمال القتل والتخريب والشغب ونهب الممتلكات والاعتداء على أفراد الأمن والمواطنين ومحلاتهم.
ومخطئ من يعتقد أن رفع العلم الشطري ليس جريمة بحجم أعمال القتل والتخريب لسبب بسيط هو أن من يقومون بأعمال القتل والتخريب والفوضى هم أنفسهم العناصر التي ترفع الأعلام الشطرية، وهم من يرفعون شعارات الانفصال ويحلمون بإعادة اليمن إلى ما قبل 22مايو 1990م.
وليس من المبالغة القول إن المشكلة لا تكمن في الصمت على مثل هذه الأفعال فقط بل أيضاً في عدم الاستفادة من الأحداث التي تشهدها البلد والتعاطي معها بروح المسئولية وبقوة القانون، ويتذكر الجميع أن المتمردين الحوثيين سبقوا تمردهم عام 2004م برفع أعلام لحزب الله بديلة للعلم الوطني، وهو فعل كان ينبغي عدم السماح بتكراره بأي شكل من الأشكال باعتبار أن رفع أي فرد أو مجموعة أفراد لعلم غير العلم الوطني يمثل اعتداءً وانتهاكاً لسيادة البلد .
لكن المؤسف حقاً أن لا شيء من ذلك حدث فقد تكرر المشهد الذي حدث في صعدة في بعض المناطق في المحافظات الجنوبية بل بصورة أكبر وأخطر، فالعناصر الانفصالية لم تكتف برفع الأعلام الشطرية في المظاهرات والمسيرات غير القانونية التي تنفذها بل وتمادت إلى رفع العلم الشطري فوق أسطح منازلها، وعلى جوانب الطرقات، بل إن المدعو طارق الفضلي لم يقف عند حد ذلك وعمد إلى رفع العلم الأمريكي في منزله، بحيث باتت مشاهد رفع العلم الشطري من قبل الانفصاليين صورة طبق الأصل لمشهد كبيرهم الذي علمهم السحر الخائن علي سالم البيض الذي يحاول يائساً إحياء مشروعه التآمري الانفصالي مرة أخرى ،وهو ما يثير التساؤل عن الفرق بين رفع البيض للعلم الشطري وبين العناصر الانفصالية في الداخل التي ترفع ذات العلم وتطرح ذات الدعوات الانفصالية التي يطرحها البيض .
والحقيقة المرة التي يجب أن نقولها اليوم إن التساهل الذي تعاطت به مؤسسات الدولة وفي مقدمتها أجهزة الأمن والسلطات المحلية مع من يرفعون الأعلام الشطرية خلال المسيرات قد أسهمت بشكل كبير في تمادي هؤلاء وتعمدهم، ليس رفع تلك الأعلام في أماكن مختلفة فحسب، بل وتصعيد وتيرة دعواتهم الانفصالية وتحويلها إلى أعمال قتل وعنف واستباحة للدماء ونهب لممتلكات المواطنين والممتلكات العامة .
واليوم وقد بلغ السيل الزبى .. فإن الواجب على السلطات المحلية والأجهزة الأمنية في تلك المحافظات أن تصحو من سباتها وتُعمل يد القانون ضد عناصر الانفصال والتخريب وفي مقدمتهم أولئك الذين يرفعون الأعلام الشطرية التي لابد من إزالتها والملاحقة والقبض على من يرفعونها ومحاسبتهم، بل ومحاسبة حتى من يصنعون هذه الأعلام لأن استمرار السكوت على مشاهد الأعلام الشطرية المرفوعة على أسطح المنازل وفي الطرقات جريمة تمس بالوحدة وبرمز السيادة اليمنية والجمهورية اليمنية ولا تقل خطورتها عن جرائم الدعوة إلى الانفصال وأعمال القتل والتخريب .
إن مطالبة السلطات المحلية وقيادات الأجهزة الأمنية بأداء دورها في إزالة الأعلام الشطرية وضبط مرتكبي أعمال القتل والتخريب ليس ترفاً بل هو مطالبة لها بالقيام بواجباتها الدستورية والوطنية التي أقسمت على احترامها مالم فإن على أولئك المسئولين أن يعلنوا صراحة عجزهم وفشلهم ويتركوا المسئولية لمن هو أقدر وأكفأ على تحملها؛ لأنه إذا كانت حماية الوحدة وصون سيادة البلد وأمنه واستقراره لا تستحق ذلك فليس ثمة من شيء آخر يستحق الدفاع عنه، أو يستحق أن يتولى أولئك مناصبهم من أجله.