جملة عوامل موضوعية تفرض على الحزب الاشتراكي اليمني سرعة عقد مجلسه الوطني العام المقرّر كونه محطة مهمة ومفصلية لتقييم الماضي والتخطيط للمستقبل نحو التحديث واستعادة دوره الفاعل والبنّاء في العملية السياسية وتنشيط كافة المسارات الحيوية اللازمة لتقدّمه على الصعيدين الوطني والجماهيري من خلال تفعيل ضرورات التجديد والديمقراطية، فضلاً عن النقاشات المسؤولة والعميقة التي تفرضها هذه المرحلة الاستثنائية التي تنطوي على انعطافات وتحوّلات حادة ذات تحديات حزبية مصيرية وأخطار ضخمة محدقة بالوطن، حزب عظيم كهذا وبتضحيات جسام مصيره النمو والتطوُّر لا الركون للإحباطات والمعوقات.
***
نؤكد أنه في ظل صعوبة تشكُّل قوة ثالثة على قاعدة عريضة ومتينة اجتماعياً وسياسياً؛ سيظل الحزب الاشتراكي - رغم كل معاناته الرهيبة التي تلاحقه منذ حرب صيف 94م - قوة الضمانة الوحيدة التي بإمكانها أن تعزّز من مهمة إنقاذ هذا البلد.
نعرف جميعاً أن كل قوى المصالح المكرّسة ضد تطلُّعاته في إصلاح مسار الوحدة والإصلاح الشامل للنظام السياسي؛ على أنه الأرفع في مسألة التنوير الوطني، كما هو العامل المثالي والحيوي نضالياً ضد كل ما يعيق تحقُّق دولة التمدُّن والمواطنة، دولة الحرية والحقوق والنظام والقانون والمؤسسات؛ خصوصاً النفوذ التقليدي للقبيلة الطاغي واستشراء ثقافة تنصل الدولة عن مهامها في جبر ضرر الفقراء الذين يزدادون كل يوم وعدم وضع المعالجات المناسبة.
لذا عليه أن يستوعب ما يعنيه الاحترام الشعبي الواسع له كحزب بمواقف وقضايا معتبرة، أن يدرك مقدار قوته جيداً في ظل هذا التراكم النضالي الذي صنعه ضد التخلف والهمجية، أن ينظم طاقاته على نحو صحيح، أن يتحدّث بثقة عن همومنا من أجل مستقبل سوي وخلاق، أن ينتقد أخطاءه السابقة ليجدّد خطابه ويشكّل أهم عامل موضوعي للتوازن المأمول الذي لايزال مفتقداً في هذا البلد، التوازن الذي يتحدّث بأحلام الشعب ويحتضنها بما يمنح المواطن عزته وكرامته دون تمييز، كما يقود إلى تحقيق غاية ثورته في قيام الدولة المدنية الحديثة.
وفي السياق ذاته تفرض المسؤولية التاريخية والأخلاقية على الحزب الاشتراكي جدية العمل المتفوّق من أجل إزالة آثار ونتائج حرب صيف 94م، وحل القضية الجنوبية بشكل سوي وناضج ووطني وعادل.
fathi_nasr@hotmail.com