تصبح الثورة والوحدة والنظام الجمهوري والجيش وكل (القلافد) موادَّ للتباكي لدى (الإصلاح) فقط، عندما يمسهم الضر.. أما عندما تسير الأمور لصالحهم حتى ولو كان في سريان مصالحهم مسيس للثورة وللجمهورية وللوحدة وللجيش وللبلاد بأكملها تتوقف شذروانات دموع التماسيح ونشاهد أمامنا حزباً آخر غير الذي (جعثنا) بتجاربه الخائبة.
وعلى سبيل المثال فقط: استخدم تنظيم القاعدة 15 سيارة مفخخة في عمليات إرهابية مختلفة منذ مطلع العام 2012م، أودت بحياة 112 شخصاً، بينهم 91 ضابطاً وجندياً من الجيش اليمني، ولم نسمع للإصلاح صوتاً يقول (حرام).. لكأن هؤلاء الجنود والضباط الذين استشهدوا هنا وهناك مجرد جيش يتبع الصومال مثلاً ومش هم جنود وضباط يتبعون الجيش اليمني ويتبعون النظام الجمهوري الذي جالسين يتباكوا عليه الآن.
في 21 مايو 2012م تم تفجير كتيبة بأكملها من وحدات الأمن المركزي، وأسفرت تلك العملية الانتحارية في ميدان السبعين عن استشهاد 93 شخصاً من قوات الأمن المركزي وسقوط حوالي 222 جريحاً، لا يزال عدد منهم يتلقون العلاج حتى اليوم، ومثلت هذه العملية الانتحارية أكبر عملية إجرامية قام بها تنظيم القاعدة الإرهابي في اليمن.. وأُدينت من كافة فئات الشعب اليمني والمجتمع العربي والإقليمي والدولي، ولم نسمع الإصلاح يتباكى عليهم كما يتباكى اليوم على مصير لواء القشيبي (رحمة الله تغشاه).
وقال الزنداني، في تصريح له يومها بشأن جريمة السبعين البشعة، إنه لا يستطيع أن يفتي إذا كان ما حدث في السبعين فعلاً إرهابياً وحراماً يستحق الصراخ لأجله أو ماشي!، لكأنه كان يشاهد جثثاً لقتلى سقطوا بمجرد لعبة (بلاستيشن)، في حين أنه يمكن لهذا الشيخ الجليل ذاته أن يُفتي وبسرعة بأن لعبة البلاستيشن حرام!.
في ديسمبر 2013م نفذت القاعدة جريمة مستشفى العرضي، وشاهد اليمنيون جميعاً بشاعة ما حدث، ولم يُسمع للإصلاح صوت جهوري يرفض ويُندد ويستنكر ويتباكى، كما يفعل اليوم وهو (يبعقق)، مُقدماً نفسه كضحية تحارب في عمران من أجل النظام الجمهوري.
وتعيش البلاد الآن أجواء حروب مذهبية، ومع هذا لم نسمع لهذا الحزب الذي يلبس ثوب التقوى أي صوت جهوري آخر يقول وبصدق: اتقوا الله في دماء وأرواح اليمنيين التي تذهب في حروب سمجة باسم الله.
القشيبي مات شجاعاً، وحزن جميع اليمنيين لأجله، تماماً كما حزنوا على اللواء الشهيد سالم قطن، وعلى كل قطرة دم تسيل في هذه البلاد إرضاءً لشهداء فلان وعلان.
ولكنني أعرف مسبقاً تفكير هؤلاء البهلوانيين أنهم، وبفطرة تُثير الضحك والاستخفاف معاً، يعيشون الخصومة بحذافيرها، ويعتقدون دائماً أن أي انتقاد لهم ما هو إلَّا دعم لممارسات الحوثي أو غريمهم التقليدي صالح.. هذا العمى الذهني الذي يعيشه الإصلاح هو تحديداً من أكثر الأشياء التي تجعل المرء محبطاً حيالهم.. إذ أنك كلما تحدثت، وبصدق، عن أخطائهم بغرض تقويمها، ازدادوا تعنتاً وبذاءة وشتماً وتخويناً للآخر.
والفاضي عليه أن يضيِّع عمره كله وهو يحاول إفهام (لسان بذيء) كيف يكف عن الهدار الفاضي ويقدِّم نفسه كحزب للحياة.