في 6 فبرياير من العام 2015 دخلت اليمن في محنة "أهل الكهف ".
وقبل ذلك التاريخ بسنوات كثيرة ، كان عبدالملك الحوثي صغيرا يلعب بـ"الاوالي" وبـ"المعابر"وربما أنهم كانوا يسألوه حينها : ايش تشتي تقع لما تكبر؟ ولايذهب تفكيره الى ابعد من الإنتقام من خصوم "علي" كرم الله وجهه و"فاطمة" قدس الله سرها.
حاليا يبلغ السيد عبدالملك الحوثي من العمر قرابة 32 سنة ، وهوشاب من جيل كهوف "مران" ويبلغ طفلي " أوس" من العمر ست سنوات ، وهو صبي من جيل "ثورة المعلومات" .سنفترض ان الفارق بين الإثنين يساوي عقدين ونيف على اقل تقدير ، ومع هذا تعالوا نشوف الفارق في التفكير .
في يد " السيد "الان بلاد كبيرة لها تاريخ ولها مؤسسات وجيش وثروات ولكنه يقود كل ذلك متجها بـ 25 مليون نسمة الى أزمان غابرة ويطمح الى المزيد من العُتمة. وفي يد " أوس" أكثر من خمسة وعشرين لعبة كل يوم يعتني بهن ويطمح الى المزيد من الفرح والضوء ، واخر مره طلب مني أن اشتري له "روبوت – رجل آلي" ليساعده على ترتيب دولاب ملابسه ، ويقول " أوس" بأنه لما يكبر يشتي يكون مُخترع .
25 % من سكان اليمن اطفال بهذا السن ، لم يوفر لهم الاباء أدنى مقومات العيش بهدوء ، لكن ثورة المعلومات العظيمة وفرت لهم الخيال اللازم ليعيشوا مأخوذين بثقافة الإنتقال الى عوالم اخرى ، وسيدي عبدالملك الله يحفظه جاء "مهري" ليخبرهم – ونحن معهم- أن "موقعة الجمل" هي خلاصة الحياة ، وأن خرافة القوة والحنين الى لحظات سيئة من التاريخ ستغني اليمنيين عن دولتهم وستجعلهم يهتفون للأحقاد باستمرار.
حياة الجروف ربما تناسب السيد المُبجل ، حيث المعرفة قليلة والخيال مشحون بأحقاد التاريخ ولكنها - بأي حال من الأحوال- لاتناسب حياة جميع اليمنيين . على ان حياة " الكهف" التي ألفها السيد عبد الملك ليست نقيصة في حقه كإنسان ولد وعاش في ساحة حرب ظالمة فرضت عليه ، ولكنها تصير كارثة بحق الحياة عندما يصبح هذا الإنسان ذاته - في لحظة ما- مسؤلا عن إنتاج شكل الحياة الجديدة لشعب بأكمله .
يمكن للجان الثورية المسلحة ان تفرض على الناس نمطا معينا من الحياة ، ولكن اين سيذهب سيد الكهف من سخرية العالم عندما يعرف بأن الحياة – على الاقل من وجهة نظر أطفال جيل ثورة المعلومات الذين يتناكعون يوميا من كل رحم - تعني الإنتقال الى الفضاء - مش الى اللجان - ليس لأن لهم اباء وامهات عاشوا في بطن المكوك "ديسكفري" مثلا ، ولكن لأن متطلبات الحياة في القرن الواحد والعشرين ،غصبا عن انف السيد وغصبا عن أنفي وانوف الجميع، تتحدث بهذه اللغة ، ولن يطول بقاء أي جماعة لاتنظر الى المستقبل بأحترام .
العميان لايشاهدون تحولات العصر ، وسيواصلون الجعث تحت مسميات كثيرة ، ولكنهم يوم ما سيستيقظون من سكرة الغرور ليجدوا أنفسهم وقد اصبحوا كائنات منعزلة عن الحياة . وسيتحدثون للناس عن مظلومياتهم القديمة ولن يجدوا عند ذاك من يصدقهم او يتعاطف معهم مجددا - فقط- لأن تجربة اليمنيين معهم كانت مروعة ومليئة بالإستخفاف .
وأما جيل "ثورة المعلومات" فإنهم يوما ما – وتحت أي ظرف- سيكبرون وسيقرأون في دروس التاريخ أن جماعة مسلحة غافلت اليمنيين وسرقت – في وضح النهار- دولتهم وعطلت كل القوانين فيها .. وأن سيدا عاش في " الكهوف" كان محظوظا ووقعت في يده - هو وجماعته المبندقة - في سبتمبر من العام 2014 بلاد بأكملها ، ولكنهم عصابة بلا خيال وبلا معرفة ماجعلهم يعتقدون بأنه من السهولة على شعب بنى في التاريخ اعظم الحضارات ان يٌجر من شعر رأسه ليعيش – غصبا - حياة أهل الكهف.
وبعد وقت ليس ببعيد سيقول قائل منهم : ابعثوا احدكم "بشعار الصرخة" هذا الى المدينة .. وعندما يفعل ذلك سيجد هناك شخوصا من جيل ثورة المعلومات يسألونه : من أنت ياحاج ؟ سيقول لهم وهو مرتبكا : أنا من أنصار الله ، وسيدي عبدالملك قائد المسيرة القرانية . وسيقولون له : نحن من أنصار الحياة ، وهذا " الريبورت" يحفظ القرآن كاملا ، وممكن تسمِع له لو ماتصدقش !