العالم يستعد لاستقبال العام الجديد ، وشوية "المتلبجين" حق تعز "محشوقين " حشقة جن يستقبلون المندوب السامي لسيدي عبدالملك ويخبرون الناس أنها مسألة وقت حتى تستيقظ شوارع المدينة على لافتات مبندقة تقول للمارة " هذه الترتيبات الأمنية لكم وليست عليكم" . وحينها سيتعين على محافظ تعز المتمدن أن يضع ملصق شعار "الصرخة" فوق سيارته التي تسير بلا مبندقين أصلا ليتمكن من عبور نقطة تفتيش العام الجديد بسلام .
رهان تعز الدائم أنها قبلة التمدن وأن البندقية و"العيفطة" فيها لاتحظيان بالإحترام . ومشكلتها الدائمة أنها تقع في " نازولة" يسهل الهرولة اليها تحت دواعي الإنتصار للثورة .. الإقتصاص للمظالم...الخ. كثيرون هم الذين رددوا نفس هذا الهدار من قبل، وقلة - فقط - من يعرفون أن تعز – في كل اوقاتها- لا تحتاج لأكثر من دولة النظام والقانون.
يميل غالبية سكان هذه المحافظة الكبيرة - في سلوكهم اليومي كما في تفكيرهم- الى العصر ، وهذا الميل الواضح ليس من صنيع الصدفة ، بل هو نتاج إرث ثقافي كبير يصعب سحبلته الى الكهوف . وفي تعز تحديدا ، للمثل الشعبي "شبر مع الدولة ولاذراع مع القبيلي" سحر تسابيح أحمد بن علوان . والناس فيها مسالمين الى الحد الذي تقول فيه لأحدهم : فلان قتل أبنك . يقلك : ياغارتاااه ، الصبح شابكر إدارة الأمن . تقوله : فصلوك من العمل . يقلك أنا مشهد الله عليهم ، شرفع عليهم قضية ويقضي ثلث عمره وهو يلاحق غريمه في القضاء . والى ماقبل 11فبراير ماكانش في شي يربك الناس هنا مثلما تربكهم عبارة جاوب مدير الأمن. ومحنة تعز الحقيقية أنها بدو على الدوام محافظة مورطة بفرقة من "المتلبجين" الذين يقضون حياتهم وهم يدوروا لهذه النازولة زوج من " الطالوعة" يرجموها له مقابل السير في موكبة كفرقة من الشقاة أو فرقة من " الشواعة". وهذه المرة يتجول في شوارع مدينة تعز موكب عريس جديد يتحرك بثقة و"الشواعة" يرددون خلفه : قاهي الا هي وآعبده".
في حقيقة الحال ، يجي "عبده" يجي "قاسم" يجي "مرشد" يجي مايكل جاكسون ، مافيش مشكلة خالص .تعز – كعادتها- مدينة لاتشعر أحدا بالغربة ، وماغريب فيها الشيطان، وعادة مايظهر الشيطان فيها على هيئة " بندقية" . ويمكن لأي طامح أن يهرول ببنادقه ورجاله الى هذه " النازولة" السهلة ، لن يجد بنادقا تعترضه في الطريق ، ولكنه - بعد وقت قليل فقط- سيجد نفسه وقد تورط في مواجهة محافظة لسانها طويل وتطلع الخبر كله . ومن يقرأ ثورات العصر الحديث في مصر وليبيا وتونس واليمن بعمق، سيدرك جيدا أن ما من شيء أخرج الخُبر كله وأضعف حجج كل الكيانات التي أمتطت ثورات الربيع العربي مثلما فعل لسان العصر الذي هشم كل عجرفة وغرور وأخرج كل شيء مروع الى السطح .
بسبب لسان العصر الطويل ذاته ، دخل مرسي "السجن " وفر "محسن" وفر "حميد "بلا أي تعاطف شعبي يذكر . ويمكن لأي نابه أن يتخيل – لاحقا- ماسيكون مصير أي جماعة تتكيء على الخرافة وعلى البنادق في يد الجماعات والأفرد . إنها قد تصل بخرافة القوة الى الى أي مكان ، ولكنها ستغرق في كل مكان . على أن ما أكتبه الان هو – فقط- مجرد "نُصح" بوسع السيارة أن يلتقطوه ، وبوسع الغرور أن يواصل "الدهيج" . وفي كل الأحوال ، للبندقية فوهة واحدة ،مميتة ومخيفة ،هذا صحيح. وللعصر فضاء مفتوح يصعب اغلاقه او تربيطه او الركون على شوية "شواعة" عادة ما يتم كنسهم سريعا بعد ليلة الدخلة .