أي يمني سواء في الشمال أو الجنوب أو الشرق أو الغرب لديه وجهة نظر وتحليل لمستقبل اليمن على ضوء أحداث العنف التي صارت وتصير حالياً في البلاد، تتراوح التحليلات بين التأكيد على أن الحوثيين هم الخطر الأكبر القادم الذي يجب التصدي له بكل قوة، وبين أن الحوثيين في مرحلة دفاع عن النفس ولم يكونوا هم من بدأوا العنف ولكنهم يستطيعون بكل سهولة ردع أية قوة مسلحة؛ لأن لديهم إيماناً بقضيتهم.
وبين النقيضين يوجد الكثير من التأويلات والتحليلات وكلها تصب في اتجاه واحد وهو غياب الدولة؛ لأنه لا يوجد أي كيان مؤسسي ذي سيادة يرضى لنفسه أن يصبح ملعباً يتنافس فيه الطامعون والمتنفذون.
ارتأت الحكومة أن تسمح للأحداث أن تتوالى؛ لعل فلاناً يتخلص من فلان، وبالتالي يضعف كلاهما، ويمكن للدولة بعد إنهاكهما في الصراع بينهما البين أن تفرض سيطرتها، ولكن هذا تفكير غير سليم؛ لأن المنتصر في هذه المعركة الجانبية لن يعود أدراجه بل سيحاول أن ينتزع مكتسبات يعتقد أن انتصاره الأخير يخوّل له الحق فيها.
الاستراتيجية التي تلعبها الحكومة اليوم هي نفس الاستراتيجية التي كان يمارسها صالح من قبل، الفرق أنه في الماضي كان صالح يمسك بكثير من الخيوط ولديه أموال اكتسبها بغير حق يستطيع استخدامها في تغيير السيناريوهات بالطريقة التي تناسبه.
ولكن اليوم الوضع تغير ولا توجد كل الخيوط بيد شخص واحد، وفي نفس الوقت التحديات والطامعين باتوا أكثر بكثير. كما أن التعويل على مجلس الأمن لوحده غير مجدٍ، وقد رأينا كيف استهزأ السيد عبدالملك الحوثي بمواقف مجلس الأمن، مما يشير إلى أنه يستند إلى ظهر آخر في نظره أقوى من مجلس الأمن وقراراته، وما يحدث في فلسطين مؤشر بأن مجلس الأمن ليس بالضرورة بالقوة أو لديه السلطة التي يمكن أن يُحتمى بها.
التساؤل الآخر هو ما دور دول الجوار فيما يحدث خاصة بعد ظهور تسريبات بأنها تحاول مد جسور مع الحوثيين من جهة، ومع من يستطيع التغلب عليهم من جهة أخرى؟ هل صحيح أن اليمن ساحة استعراض عضلات بين القوى في الإقليم، وأن الكيانات السياسية اليمنية المتعددة هي فقط دمى يتم تحريكها في إطار هذا الصراع الإقليمي؟
أعتقد أن القوى في الإقليم لها دور فيما يحدث في اليمن ولكن ليس بالصورة التي يتم تضخيمها.
الشهران القادمان سوف تشهد اليمن فيهما المزيد من الصراعات العنيفة وفرض السلطة، وستدخل الدولة أخيراً هذه الساحة لتُذكِّر الجميع بوجودها، وسوف يتم محاولة مساواة الملعب في المرحلة القادمة حتى يتم تمهيد اليمن للاستفتاء على الدستور الذي من المفترض أن يحدث في نهاية العام.
أولويتنا الرئيسية يجب أن تكون نزع السلاح من الجميع لنسمح بتأسيس دولة مدنية حديثة بدلاً من الدخول في صراعات جانبية لا تفيد.
yteditor@gmail.com