يقال إن الحكومة الحالية تواجه مصاعب لم تواجهها أي حكومة من قبل، بما فيها حكومة الوفاق 2011، وذلك لأن السند الذي كنا نستند إليه دائماً في الأزمات وهو المملكة العربية السعودية قد تخلّى عنا.
وتتوالى التكهنات بأنه وبدون دعم شقيقتنا الكبرى لن تستطيع الحكومة اليمنية أن تدفع حتى مرتبات الشهر القادم وأن الاقتصاد المتهاوي أصلاً لن يصمد أمام النفقات المطلوبة عاجلاً.
قد تكون هذه المعطيات صحيحة نسبياً ولكن قراءة سريعة للماضي تثبت أنه مهما ساءت الظروف في اليمن، فإن توفيق الله وتكاتف الأشقاء والأصدقاء سوف يمنع حدوث مثل هذه الكارثة.
فقد كانت هناك فرص كثيرة في السابق أكثر ملاءمة من اليوم لمن يشاء أن يعيث في اليمن فساداً من الخارج. كان من الممكن أن لا تنقذ السعودية اليمن بعد توقيع المبادرة الخليجية وأثناء الأزمات النفطية بالملايين من براميل البترول والمنح المالية.
كان من الممكن للسعودية أن تستغل أحداث سبتمبر الماضية، لأن تقوم بعمليات نوعية إن أرادت حقيقة أن تسقط النظام. ولكن بالعكس، دعمت الحكومة اليمنية معنوياً ومادياً، وعلى سبيل المثال: في سبتمبر الماضي قدمت أكثر من 430 مليون دولار لشبكة الضمان الاجتماعي لتوزع على أكثر من مليون ونصف مليون فقير يمني، بالإضافة إلى 12 مليون برميل نفط. بل واستمرت في إصدار تأشيرات الدخول إلى الأراضي السعودية لليمنيين بما فيها فوق الـ90 ألف تأشيرة حج. وقد باركت تشكيل الحكومة الجديدة وحتى اتفاق السَّلم والشراكة، على اعتبار أنه ما يريده اليمنيون وهو ما اختاروه لأنفسهم كوسيلة لإنهاء النزاع وإحلال السلام.
شخصيـاً، أستـغرب الـجحود الذي يحدث حالياً وينعكس في مواقع الإعلام الاجتماعي وبعض المواقع الإلكترونية ضد المملكة العربية السعودية بسبب موقفها الأخير. موقف السعودية الأخير من اليمن هو بمثابة تأنيب الأخ الأكبر للأخ الأصغر الذي يعيش في مفترق طرق، ويجب عليه أن يتخذ القرار السليم ويساعد نفسه قبل أن يساعده الآخرون.
هو بمثابة تحذير للسياسيين اليمنيين وجميع الأطراف الموقعة على اتفاق السلم والشراكة بأن يأخذوا الاتفاق بجدية ويقوموا بتنفيذه بسرعة حتى يعاد الاعتبار للدولة وتكون في وضع يسمح لمن يريد وليس فقط المملكة العربية السعودية بأن يساندها.
أنا أثق تماماً بأن هذه المرحلة ستنتهي بسلام، لأنني أثق في قيادة الحكومة وفي نية القائمين عليها الصادقة، بأن يخرجوا وطنهم من النفق المظلم إلى النور والأمان. كما أثق بأن شقيقتنا الكبرى لن تتخلى عنا لأن نجاحنا هو نجاح لها واستقرار اليمن هو استقرار للمنطقة وفي النهاية يجمعنا تاريخ ودم واحد، أو «نحنا أهل» كما يقول السعوديون أنفسهم.