يجب الحقد التام على فكرة الحياة المتوحّشة، فالحياة التي تعمل على تحقير الإنسان؛ يجب ألا تشعرنا بالفخر أبداً أو التواطؤ المهين معها، والحاصل هو أن ما حدث ويحدث في غزّة وفلسطين عموماً؛ يؤكد أن الإنسانية تضمحل، والضمير يتصدّع، والعدالة مجرد كذبة كبرى..!!.
لذلك مرّة أخرى أكرّر: تسقط الأفكار والنظريات المجرّدة في الأدب والفن والحق والخير والجمال - إضافة إلى قوانين وصراعات السياسات والأديان والقوميات والأيدولوجيات والعلوم والفلسفات الكبرى - أمام إنسان مظلوم يتألّم ويموت - مخذولاً ومقهوراً من الكون كله - وقد تلوّى بالرجاءات والآمال بلا فائدة.
صحيحٌ أنني أشعر بخجل عارم حين أقارن مآسينا ومآسي العالم بمأساة غزّة، مأساة الإنسان المغتصبة حقوقه وحريّته على نحو رهيب، مأساة فلسطين الأعمق في التاريخ المعاصر؛ إلا أن جوهر المنطق الصهيوني في التعامل مع فلسطين هو ما يترعرع في كل بلداننا أيضاً من قبل استعمار الداخل.
نفس طرائق وأساليب المنطق الإجرامي الكارثي الفهلوي الإفسادي الاستئثاري المصائبي المنهال على رؤوس بشر حالمين وطيبين لينتزع منهم كرامتهم بصلف غاشم شديد الرعونة وعالي الهوس، كما بمكر لا يحد.
صدّقوني لو أن هذا العالم المخزي والفادح والمروّع كان رجلاً لقتلته، وأما من يوصي الضحايا بالامتناع عن المقاومة المشروعة؛ فهو فاحش الانحطاط وشاسع البشاعة ليس إلا.
كل عقل وكل عاطفة يمكنهما التبرير لمسألة ضرورة إجبار الإنسان المثخن على عدم الصراخ، عبارة عن عقل وعاطفة بغرائز فضفاضة دون أدنى معنى أو مسؤولية لصالح استهاض قيمة الإنسان كإنسان في حياة جديرة تنصف وتجبر ولا تخادع.
fathi_nasr@hotmail.com