الظروف الاقتصادية الصعبة ـ كهذه التي يعيشها الإنسان اليمني الآن لا تسبب السخط والسأم فحسب، بل تفقد المرء شهيته لمواصلة الحياة، وتفقده أيضاً شعر رأسه ومشاعره وإحساسه فكري قاسم -
الظروف الاقتصادية الصعبة ـ كهذه التي يعيشها الإنسان اليمني الآن لا تسبب السخط والسأم فحسب، بل تفقد المرء شهيته لمواصلة الحياة، وتفقده أيضاً شعر رأسه ومشاعره وإحساسه بكل ما يمكن اعتباره ـ على الأقل لدى المسؤولين ـ إنجازاً يستحق من «المطحونين» أن يصفقوا له و»على أبتهُم».
يكفي أي نابه أو أي واحد من الطحاطيح الحكوميين أن ينظر الآن إلى أقرب وجه رب أسرة يصادفه في الطريق أو في المكتب ليعرف كم أن الحياة غدت قاسية، وكم أن المواطن اليمني الصبور أصبح مادة جيدة للباحثين حول ظروف وأسباب الاكتئاب والجنون أيضاً . ليس هناك أمر عادي أكثر من أن ترى «يمنياً يسير في الشارع وهو يكلم نفسه, ومن حقهم أن يكلموا أنفسهم طالما وأن لا أحد فاضي يسمعهم!
وبالنظر إلى ما هو حاصل من ارتفاع مستمر للأسعار، تنخفض بالضرورة قيمة الحياة، وقيمة الإنسان نفسه, يحدث كل هذا والمعنيون ـ على ما يبدو ـ ولا هم آسفين بحد.
للإنسان في اليمن, على أية حال, فترة سعيدة يعيشها في حياته، هي على ما يبدو تلك التي تنقضي من حيث يبدأ يتعلم المشي, أو مثلما يقولوا «من أول ما يبدأ يحبي» إلى حين يجب عليه أن يعمل, من بعد ذلك وداعاً للسعادة، وأهلاً ـ فقط ـ بصناديق الاقتراع، أهلاً بقرحة المعدة, أهلاً بمقتضيات الاحترام لأشخاص تفوقوا على حسابك, ويا مواطن «على عينك وبس!!».
طيب، علينا أن نتفاءل, أن نشتري الرغيف بالكيلو، وأن نأخذ الماء بالوايتات، وأن ندفع أجرة «البابور» وأجرة العسكري، وإيجار البيت، وأن نحافظ على السكينة العامة، وأن نحترم القانون، وأن نستعد جيداً ـ بالشمع ـ عند انطفاء الكهرباء, علينا أن نُدرّس أطفالنا، وأن نُحب الوطن ونستدين من أمين الصندوق, وعلينا - أيضاَ - أن نبتسم للصوص على اعتبار أنه من واجب الصغير أن يحترم الكبير.
علينا أن نفعل كُل ذلك ، وعليهم ـ فقط ـ أن يهتفوا فينا لشحذ الهِمة والحماس! وأيها المواطنون الكرام كل عام وأنتم بخير, حلوة هذه وأنتم بخير.
Fekry19@gmail.com