أيها اليمنيون.. متى ستنقذون اليمن؟. يشعر التاريخ بالخجل من داحسكم وغبراءكم، ولا شرف ولا مروءة لكم غير المدنية والمواطنة . وأما بالقبيلة وبالمذهب، فلا يمكنكم أن تتخلصوا من الهمجية والتخلف. كذلك ستغرقون في الماضي وسيجتاحكم فساد القيم، مالم تحترموا المستقبل ويكون هو نشيدكم الجمعي الخلاق والسديد والصلب .
كان التسلط والرجعية والخراب مصير اليمن في الماضي. غير أنكم تريدون ذات المصير في الحاضر وفي المستقبل أيضاً..
أيها اليمنيون متى ستخجلون قليلاً وتستعيدوا يقظة ذاتكم الحرة الجميلة الراقية، تلك العصية على التدجين والباذلة للعطاء والجالبة للاعتزاز.. ذاتكم التي تم تشويهها واستعبادها واستغلالها وتجريفها وانتم في غيبوبتكم تعمهون ما بين سلطتي الشيخ والسيد.
صرتم تتآمرون على بعضكم، وتبرعون في المكر السيء، كما تصرون على الهباء. بينما التقدمية لا تأتي بالإرهاب وإنما بالتنوير، والثوابت الوطنية ليست مراكز النفوذ والهيمنة الأكثر مأزومية... والأسوأ أن عقلكم الجمعي ينحصر في المناطقية بشكل لا وطني بشع، وتحتقرون الوعي التنموي والإبداعي والإنتاجي، كما تستغنون عن الضمير عند اقرب فرصة. انتم الآن ضد سعادتكم وأبنائكم، وضد حقوقكم وحرياتكم وكرامتكم الجمعية ، تنحازون لاستلاباتكم التاريخية وتخاصمون الرخاء والتطور. مازوشيون وساديون لا اقل ولا أكثر. شيعيون وسنيون تجلبون الشفقة والرثاء، علمانيون بلا علمانية، جمهوريون بلا قيم جمهورية كافية، ملكيون أكثر من الملك الموهوم نفسه.
أيها اليمنيون لنكن معنا كشعب، ولنكن مع ما تبقى من قيمة الدولة في إجبارها وحثها السلمي السوي النابه على أن تكون دولة إنقاذية قوية ضامنة مشرفة وراءها شعب يتوق للتقدم كما للتطور كيان الدولة أولاً وأخيراً، قبل أن نكتشف أننا فقدنا كل شيء دفعة واحدة.
آخر ما يمكن الحلم به على نحو جامع يعيد الاعتبار لليمن . ذلك انه بدلاً من إنقاذ ما تبقى من روح اليمن سنكتشف بعد ضياع الفرصة الأخيرة أننا صممنا لها الجحيم المُحّكم ببلاهة عجفاء لا يمكن تدارك تداعياتها الرهيبة إلا بما هو أكثر من المعجزة وعلى مدى زمني كبير وأكثر من مرير طبعاً.
fathi_nasr@hotmail.com