مـع الاحتفـاظ بخـاصية كل من التجربتين اليمنية واللبنانية فإن التاريخ يعيد نفسه في تماثلهما, من خلال الفترات العصيبة التي مرت بها التجربة اللبنانية إثر تداعيات الحرب الأهلية منتصف سبعينيات القرن المنصرم والتجربة اليمنية التي تخوض منذ نفس تلك الفترة ارهاصات غمار مشاهد تجريب التحولات التي تكاد تكون صيغة مكررة لما حدث للأشقاء في لبنان مع الفـارق.
وبالطبع, لـن أخوض في تفاصيل تكرار التذكير بتشابه التجربتين المأساويتين ـ إن جاز لي التعبير ـ سواء من حيث ارهاصات تلك الحرب الأهلية المؤسفة في لبنان أو الاستحواذ التدريجي على السلطة, فضلاً عن التدخلات الخارجية, غير أن المقدمات في اليمن تقود إلى النتائج التي صار إليها لبنان الذي لايزال يعيش ـحتى الآن ـ ومنذ فترة طويلة أزمة سياسية خانقة بين مكونات ونخب المجتمع.
والأمر بطبيعة الحال لا يختلف كثيراً فيما يجري اليوم على المسرح اليمني من تطورات تعبيراً عن حالة الاختناقات الداخلية وتحديداً في التباين الواضح بين القوى السياسية وبخاصة في علو نبرة الاحتجاج لدى جماعة (الحوثي) مع الحكومة نتاج تباين الموقف من إجراءات رفع الدعم عن المشتقات النفطية.. وهو ـ بالقطع ـ ليس السبب الرئيس وإن كان مطلباً حقوقياً عادلاً تجاوبت معه القيادة السياسية بالتشاور مع القوى الوطنية على الساحة وإنما هناك بواعث يرددها المناوئون لهذا الرأي.. والقول إن ثمة أجندات خارجية تستهدف تقويض التسوية السياسية وبالتالي ربط اليمن بمحاور التجاذب على مستوى المنطقة والإقليم.
وعود على بدء فإن صعود نجم حزب الله بدأ مع التدخل الإقليمي في شؤن لبنان الداخلية وحصوله على الدعم اللوجستي والمادي من إيران, حيث أطلق الحزب من الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت شعارات التنديد بالموت لإسرائيل وامريكا.. وهو سلوك مشابه إعتمدته جماعه ( انصار الله )في جبال صعدة منذ أن بدأ نشاطها قبل أكثر من عقدين من الزمن والتي تعارض هي الأخرى السياسة الأمريكية في المنطقة وتندد بالتدخل في شؤون اليمن جملة وتفصيلاً, فضلاً عن أنها لا تنكر البتة تلقيها الدعم من إيران.
غدا حلقة أخيرة.