أقر وأعترف، أنا المواطن اليمني المذكور أعلاه، بأنني مواطن يمني "بغباره"، صالح لغاية الجرعة العاشرة، وضميري ماركة يمنية مسجلة, ووطنيتي وكالة لا قطع غيار ولا تشليح، واليمن بالنسبة لي هو أولا وثانيا وثالثا ورابعا وخامسا... وليس مليونا ومليارا وبليونا وتريليونا!
واليمن أغلى، ورغيفه أغلى، وزيته أغلى، وغازه أغلى، ونفطه أغلى، ودقيقه أغلى، وقمحه أغلى، ومواطنه أرخص وأنحف وأعجف...
وأقسم بالله أن اليمن في روحي، وفي قلبي، وفي عيني، وفي دموعي، وفي دمي، وفي ابتسامتي، وفي دفتر طفلتي، وفي آهة جاري المريض، وفي دموع "صاحب العربية"، وفي لقمة عيشي، وفي كسرة خبزي، وفي كيس قمحي، وفي علبة دوائي... وأقسم بالله العظيم أنه ليس في جيبي (واللي مش مصدق يجي يفتش).
كما أقر وأعترف، والحاضر يبلغ الغائب، أنني من فصيلة الطيور غير الجارحة، ومسجل في البطاقة "ببغاء" من فصيلة الطيور الداجنة، بريء كل البراءة من صقور الأرض، ومن نسور الجو، ومن خفافيش الليل، ومن ديوك النهار.
ماشي بعد حالي، شايف أمامي، لا يميني ولا يساري، لا شرقي ولا غربي، لا مؤتمري ولا إصلاحي، ولا بعثي ولا اشتراكي، ولا مستقل ولا مستغل، لا "نامس" ولا "حُرَّبي"، ولا عصفور ولا هدهدي... حق بطني، دب الباري، يومي عيدي، ويا ويل من ظلمني! كتاباتي كلها خبالة ومجهالة، وعقلي قفل غثيمي قديم، أشوف الكرسي واتعوذ منه، وأشوف المسؤولين وعيالهم وسياراتهم وقصورهم ومناصبهم وأقول: "ما شاء الله هذا من فضل ربي".
بريء من السياسة براءة "صاحب العربية" من البلدية، والوضع تمام التمام، وكل شيء رخيص، والرغيف بعشرين ريال (بس!)، وأجرة الباص بثلاثين (يا بلاشاه!)، ودبة الغاز بألف ريال لا غير (يا حراجاه يا رواجاه!)، والشعب مرتاح وداغز ريش، والناس كلهم يدعون للحكومة ليل نهار، والمسؤولون حقنا أحسن ناس، وأطيب ناس، وأكرم ناس، وقل أعوذ برب الناس... وما فيش مثلهم في العالم، ويكفينا أنهم علمونا قولا وعملا أن "النظافة من الإيمان".