تفاوتت ردود الفعل في اليمن حول الحكومة الجديدة بين متفائل ومتشائم؛ نتيجة حالة اليأس والشك في قدرتها على تحقيق أي شيء يُذكر أسوةً بسابقتها «حكومة الوفاق الوطني» التي فشلت وعجزت عن تحقيق أي من المهام والوعود التي ظلّت تتغنّى بها في إحداث التغيير المنشود والانتقال بالبلاد إلى الأفضل.
والسبب الآخر للتشاؤم هو الخوف من العراقيل التي يمكن أن تواجهها الحكومة نتيجة عدم مشاركة بعض المكوّنات السياسية فيها, واعتراض البعض الآخر على عدد من وزرائها, وهناك سبب آخر للتشاؤم وبالذات لدى بعض النُخب السياسية يتمثّل في النتائج السلبية التي ستنجم عن إصرار الطرف المعترض على بعض الوزراء وعدم تراجعه بحكم ما يملك من أدلّة ووثائق وما يُثار حول الوزراء محل الاعتراض من علامات استفهام كثيرة, وأنه في حالة الاستجابة لهذا المطلب فسيمثّل ذلك إضعافاً لمؤسسة الرئاسة وإرباكاً لرئيس الوزراء, أو دخول البلاد في دوامة جديدة من الأزمات وحالة متقدمة وحادة من التجاذبات وتسجيل المواقف التي ستقضي على ما تبقّى من آمال للخروج بالبلاد إلى بر الأمان.
وفي كل الأحوال فالحكومة الجديدة أمامها مهام شاقة ومعقدة تتطلّب من جميع أعضائها التجرّد من أي انتماء حزبي أو مناطقي, والعمل بروح الفريق الواحد لإنقاذ الوطن, والقيام بالإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية التي ستتطلّب اتخاذ إجراءات قاسية وموجعة ربما تتضرّر منها بعض القوى, وأن تترافق تلك الإجراءات المطلوبة للمعالجات الاقتصادية والمالية والإدارية بنوع من الحزم وعدم التراجع.
لأنه دون ذلك لن يتعافى الاقتصاد الوطني مما أصابه من تصدعات واختلالات؛ ولن يتم التصحيح المالي والإداري بالشكل المطلوب، وسيكون من المستحيل تحقيق أي قدر من الانتعاش الاقتصادي أو الاستقرار النفسي والمعيشي للمواطنين, أو استئناف عملية التنمية التي دونها لن تتحرّك عجلة الإنتاج والبناء والتطوّر.
وهو ما يفرض على الحكومة أيضاً أن تضع في أولوياتها ترسيخ الأمن والاستقرار في البلاد أولاً وضمان استقلالية ونزاهة القضاء لتتمكن من استعادة ثقة المستثمرين الوطنيين والعرب والأجانب وتشجيعهم على استئناف أنشطتهم الاستثمارية في اليمن, وقبل كل ذلك استعادة الثقة بالدولة ومؤسساتها.
صحيح أن كل ما هو مطلوب من الحكومة القيام به للحد من معاناة الناس واستعادة هيبة الدولة وبسط نفوذها على كل مناطق البلاد, وتطبيق سيادة القانون والقضاء على كل أنواع الاختلالات؛ مرهون بما ستوصي به اللجنة الاقتصادية التي نص عليها اتفاق السلم والشراكة الوطنية, والتي يجب أن تتشكّل من خبراء مؤهّلين في الاقتصاد والمالية العامة والإدارة والتشريع لدراسة الوضعين الاقتصادي والمالي, ووضع برنامج مفصل ومزمّن للإصلاحات الشاملة، بما يضمن تجفيف منابع الفساد في جميع القطاعات.
غير أن ما يجب إدراكه هو أن المهام التي من المفترض أن تقوم بها اللجنة الاقتصادية وتقدّم توصياتها إلى الحكومة لتنفيذها تحتاج إلى وقت كافٍ ودراسة متأنية وبحث دقيق وزيارات ميدانية وإمكانيات كبيرة, في الوقت الذي حدّدت الحكومة لنفسها فترة أسبوعين لإنجاز برنامج عملها الذي ستقدّمه إلى البرلمان.
فهل ستتمكن الحكومة من المواءمة بين ما سيتضمّنه برنامج عملها وبين مخرجات أو توصيات اللجنة الاقتصادية المشار إليها..؟!.
يرى البعض أن نجاح الحكومة أو فشلها مرتبطٌ بنتائج أعمال اللجنة الاقتصادية, ومدى واقعية التوصيات التي سترفعها إلى الحكومة التي يأمل الجميع أن تتمكن من تنفيذها والتغلُّب على كل الصعوبات ومواجهة التحدّيات وتحقيق النجاحات المرجوة, وحتى لا تُضاف إلى قائمة الحكومات الفاشلة.
ali_alshater@yahoo.com