تواجه القوى والأحزاب السياسية اليمنية تحديات الوضع الخطير الناجم عن إقدام جماعة أنصار الله مساء السادس من فبراير الجاري, على “إعلان دستوري” ألغى الشرعية القائمة وأقام بديلاً لها شرعية ينقصها التوافق, وتضع البلاد أمام أخطار الاحتراب والانهيار.
هذا الوضع يفرض على جميع القوى السياسية ومكوناتها الحزبية والمدنية الاسراع في اتخاذ مواقف محددة وواضحة في بيان لإجراءات العملية التي تضع أنصار الله أمام العواقب المترتبة على خطوتهم المنفردة في الاعلان الدستوري, وما يترتب على غياب التوافق من اخطار وتداعيات.
يمكن القول إن «الاعلان الدستوري» قد وضع السلطة عملياً بيد اللجنة الثورية العليا في العاصمة وما أسماه فروعها في المحافظات, لكنه أعاد ترتيب الوضع السياسي في خارطة مفتوحة على الحوار بين القوى السياسية اليمنية حول مرحلة انتقالية جديدة, تتطلب التوافق على:
1. اطار مرجعي من خلال إعلان دستوري متفق عليه وعلى دستوريته شكلاً ومضموناً لمرحلة انتقالية من عام قابل للتمديد إلى عامين.
2. مجلس وطني متفق على حجمه ونسب المشاركة فيه.
3. مجلس رئاسي وحكومة انتقالية.
4. برنامج عمل انتقالي محدد ومزمن.
على أن تكون مرجعية كل هذا هي مخرجات الحوار الوطني واتفاق السلم والشراكة الوطنية, وبالتزامن مع إجراءات تعزيز الثقة بين جميع أطراف الأزمة الراهنة, تبدأ من إلغاء سلطة اللجنة الثورية العليا لصالح هيئة تقوم على الشراكة وتحققها في التكوين والمهام ثم يوكل هذا الدور للمجلس الوطني .
لم ولن توجد على المسار الوطني نقطة اللا عودة والتي لا تسمح جزئياً أو كلياً بالتراجع والتنازلات من القوى اليمنية وبينها, واليمن, الوطن والانسان, يستحق كل تضحية, ويفرض التخلي نهائياً والابتعاد كلياً, عن أي مغامرة محفوفة بالمخاطر أو مقامرة تستنكف عن مراجعة الموقف وإعادة الحسابات, وتستكبر عن تقديم تنازلات تقتضيها المصلحة الوطنية في الخروج من الوضع الراهن وتجنب مخاطر الاقتتال والانهيار.
لا يسمح الوقت ولا الوضع في التأني كثيراً والاكتفاء بالموقف بين رفض أو تأييد ما أقدمت عليه جماعة أنصار الله, ولا بالترف الجدلي في توصيفه إما بالانقلاب أو الشرعية الثورية, فما يحتاجه الوضع الراهن من الجميع وبالجميع, هو المبادأة بسرعة وحكمة إلى استعادة المناخ الطبيعي للفعل السياسي وحركته على الواقع, بصورة تساهم في تجاوز المنزلقات الخطرة وفي ترشيد الرؤى والممارسات, وبما يساعد الجميع في التحرك نحو تقارب بعيد عن التخندق والمقامرة, وقريب من كل انفراج يخرج اليمن وشركاء الوطن من مأزق الاستعلاء بالقوة عن ممكنات الشراكة الوطنية في العدل والسلام.