منذ انطلاق ثورة 11 فبراير 2011م جرى تحريف حتى لدور الأحزاب واتهامها أنها تسعى إلى السلطة، وقلت للكثير من الزملاء يوماً في إحدى خيام الساحات: إن أي حزب سياسي لا يسعى إلى السلطة ليس حزباً سياسياً، بل دكان لبيع وشراء المواقف وبالمزاد العلني، فإذا لم تسع الأحزاب إلى السلطة فإلى ماذا تسعى، وأذكر أني قلت عبارة ساخرة يومها: «هل تسعى الأحزاب بين الصفا والمروة؟».
إنه لمن صميم عمل الأحزاب أن تسعى إلى السلطة، ومن صميم عمل السياسي أن يصل إلى أهم المناصب، ومن يدعي غير ذلك إما أنه لا يفهم في السياسة أو أنه يمارس السياسة كممارسة بعض رجال الدين للدعوة، بمعنى أنه يضحك على البسطاء ويُخفي مآربه الخاصة، وإخفاء أي هدف معناه أن نية صاحبه سيئة، فكونك سياسياً وتعلن أنك لا تؤمن بمشروعية الهدف –المشروع أساساً- فإنك تنوي الاستفادة منه بشكل غير مشروع، لذلك تخلط بين الهدف وغرضك منه وعندها تخجل من إظهار تلك النية – غير المشروعة - حتى تصل إلى الهدف.
ليس عيباً أن يطمح أي من الشباب المنخرطين بقوة في العمل السياسي في تولي منصب وزير أو حتى رئيس للجمهورية، العيب هو في إخفاء تلك النية، لأنه يضمر هدفاً غير مشروع، وباعتقادي أن هناك أهدافاً مشروعة حتى وإن كانت شخصية، ومنها رفع مستوى المعيشة والوجاهة، لكن يبقى الهدف الأول والأهم وهو تحقيق المشروع الذي في رأس ذلك الشخص، فكلما كان المنصب مهماً وفاعلاً كلما أمكن من خلاله تنفيذ الإصلاحات التي طالما حلمنا بها، فلا يمكن لأي منا تحقيق حلمه مثلاً في دولة مدنية ومواطنة متساوية ومؤسسات فاعلة إلا بالسعي إلى رأس تلك المؤسسات وإدارتها، فلن نتمكن من الإصلاح – السريع- إذا لم نتحمل المسؤولية ونسعى للتغيير من خلالها.
albkyty@gmail.com