تتعدد محمولات اللون في المسرح تعدداً لا متناهياً، تماماً كالصوت الذي لا يقتصر على منطوق أحاديث الممثلين سواء كانوا فوق الخشبة أو خارجها، والشاهد أن الصوت المسرحي لا يتوقف على قول الممثل بل يشمل كامل المؤثرات الموسيقية والصوتية المجردة، بل الصمت الموحي الذي يلجأ إليه المخرج من آن لآخر، وذات الحال فيما يتعلق باللون الذي يتموضع في ملابس الممثلين وألوان الديكور والمؤثرات اللونية النابعة من تعدد الإضاءات، وصولاً إلى الظلام كشكل من أشكال التعبير.
كان الفارابي يعتبر اللون الأسود رديف الظلام، وكان يرى أن مثابة هذا اللون لا تقل على مثابة الأبيض، باعتبار أن اللون الأبيض وبحسب المفاهيم الفنية يمثل المُعادل الأشمل لبقية الألوان، وهو أمر مشهود في تجربة الموشور الضوئي الذي يُحيل السديم «غير المرئي» إلى ألوان الطيف.
رؤية الفارابي نابعة من منطقة مختلفة، فقد اعتبر الضوء دالاً على السواد ، وبالتالي نفى وجود السواد بوصفه لوناً !!.
من هنا نتلمّس معنى انشغال المسرحيين بمعادلتي الضياء الساطع والدكونة المُعبّرة ، كما نجد ذات الأمر عند التشكيليين، ولعل الفنان الفرنسي «ديلاكروا» كان أكثر من جسد هذه الحقيقة في تتبعه المتولّه بالسواد وتعبيريته، ولعل ديلاكروا أراد تجسيد رؤية الفارابي، لكننا لا نمتلك الدليل على ذلك .
مسرح اللون رديف التعبير المسرحي بأشكاله المختلفة، فالدالة اللونية مزاجها الديكور والإضاءات وملابس الممثلين، حتى أنه يمكن القول بأن لغة اللون تتناسب طردياً مع بقية اللغات المُستخدمة أثناء العرض المسرحي.
Omaraziz105@gmail.com