لم يخشَ وزير الخارجية الأمريكي جون كيري الحرج المحتمل من توجيه أحد الصحفيين الحاضرين مؤتمره الصحفي بعد لقائه بنظرائه في دول المجلس الخليجي بالرياض, سؤال للوزير عن أسباب تخريب العراق وليبيا, إذا كان تخريب سوريا سببه حد قوله رئيس يريد البقاء في السلطة, لأن رحيل الشهيدين صدام والقذافي عن السلطة لم يمنع تخريب البلدين.
في ذات المؤتمر, وبالتزامن معه, تحدث كيري وقيادات عسكرية في الجيش الأمريكي عن احتمال قيام قوات خاصة أمريكية بإسناد ودعم وحماية جيش المرتزقة الجديد الذي تعده وتدربه واشنطن لاستكمال الخراب الذي لم تنفذه العصابات الإرهابية في سوريا, والمقاتلات الأمريكية والحليفة لها, بزعم الحرب الدولية ضد الارهاب في سوريا.
لن يذكرنا كيري وهو مطمئن أن الذهنية الجمعية العربية لن تتذكر سلفه كولن باول, وهو يخطب في مجلس الأمن الدولي, وبين أصابعه ما يزعم أنه نموذج من أسلحة دمار ينتجها العراق, وتفرض على بلاده انقاذ العالم من خطر إقدام الرئيس العراقي صدام حسين من استخدام هذا السلاح وتهديد الأمن والسلم العالميين فكان غزو العراق, ووضعه تحت احتلال انجلو امريكي مباشر.
قد تكون أكاذيب واشنطن عن أسلحة الدمار الشامل, معلومات استخبارية خاطئة, لكن “العراق الجديد” الذي وعدتنا به إدارة جورج بوش الابن, بعد تحرير العراق من دولته ومجتمعه وسلطة الحكم, ووضعه على طريق الانتقال إلى الحرية والديمقراطية لم يمنع كيري من الاستخفاف بنا وهو يحدثنا عن الخراب الذي سببه لسوريا رئيس يريد البقاء في السلطة, وقد لا يرى كيري ما صنعته جحافله العسكرية في العراق.
وغير بعيد عن العراق, تعيش ليبيا خراباً مستمراً منذ أن تزعمت الولايات المتحد, غزواً عسكرياً نفذه حلف شمال الأطلسي مسنوداً إلى الأرض بعصابات إجرامية, حشدتها واشنطن وأعوانها لتكون يدها للتخريب في ليبيا, قبل رحيل الشهيد معمر القذافي وبعد ذلك إلى الآن, فلماذا لم يتوقف تخريب ليبيا بعد رحيل القذافي عن السلطة وهروب أركان نظامه إلى الجوار الليبي في تونس ومصر؟!
لم يهتم كيري بتوضيح ما إذا كان جيش المرتزقة الجدد الذي تعده واشنطن وتعد بدعمه واسناده بقوات خاصة, سوف يوقف تخريب سوريا أم سيستكمل ما بدأته عصابات الإرهاب وساعدت فيه قاذفات التحالف الدولي؟ أسئلة لن توجه إلى كيري أبداً ولن يخرج من إمعانه في الاستخفاف بالعقل العربي لتيقنه من ان هذا العقل ذاكرته مثقوبة.
albadeel.c@gmail.com