|
|
|
|
|
الثورة عندما يُسرق تاريخها
بقلم/ صادق ناشر
نشر منذ: 14 سنة و شهر و 3 أيام الإثنين 18 أكتوبر-تشرين الأول 2010 07:06 م
طوال تاريخ ثورتينا المجيدتين (سبتمبر وأكتوبر)، ونحن ننعي صناعها واحداً تلو الآخر، بعضهم يُنعى ببيان رسمي وبعضهم مدفون في مقابر لا يعرفها أحد. وخلال السنوات الماضية التي اقتربت من الخمسين، لا زلنا نفتش في تأريخنا الضائع والمفقود بين صناع مجد حقيقيين غيبتهم الدنيا وبين صناع تأريخ مزيفين نراهم كل يوم ونقرأ عن بطولاتهم في كل مناسبة تحل في أشهر سبتمبر وأكتوبر ونوفمبر من كل عام.
في ثورة سبتمبر غابت أقمار الثورة الحقيقية، بدءاً بدينامو الثورة علي عبدالمغني، القائد الذي لا يُعرف كيف كان مصيره، ولماذا انتهى مثل هذه النهاية في جبال صرواح بعد أيام قليلة من إعلان النظام الجمهوري، وصمت الناس كثيراً حول هذا الغياب أصدقاء وأعداء "الدينامو" على السواء، وفي ثورة أكتوبر أبعد "الرفاق" أول رئيس لدولة الجنوب قحطان الشعبي بعد أقل من عامين من توليه رئاسة الدولة الجديدة، وأبقوه حبيس منزله لحين وفاته حتى نسي الناس أنه كان لا يزال حياً طوال سنوات الإقامة الجبرية، كما دحرج "الرفاق" قائدهم وأكثر رؤساء الجنوب شعبية وهو سالم ربيع علي (سالمين) من فوق جبل في معاشيق بدون اكتراث لآدميته بعد أن أفرغت في جسده رصاصات جيب مسدس بالكامل في الأحداث المعروفة بأحداث يونيو 78.
وفي الشمال حصدت أحداث أغسطس 68 مئات الضحايا بوسيلة عنصرية كريهة، وفي الجنوب حصدت أحداث يناير 86 آلاف الضحايا بأساليب مناطقية بغيظة. وبين هذا وذاك غُيب المئات من صناع الثورتين الحقيقيين بوسائل مختلفة؛ فالكثير من الثوار ذهب ضحية صراعات الأيديولوجيا والعنف الثوري والطبقي والقبلي والرجعي معاً، وسالت دماء كثيرة في شوارع صنعاء وعدن، وتم جر أرجل كثيرين إلى مقاصل الإعدامات بدون تهم، ومثلما أعدم الرئيس سالمين في الجنوب بدم بارد أعدم نائب الرئيس محمد الرعيني في الشمال بتهمة لا يبلعها منطق وهي تهمة التخابر لصالح إسرائيل؛ فيما لا تزال أسرار مقتل الرئيس إبراهيم الحمدي غامضة حتى الآن. وفي السنوات الثماني والأربعين الماضية من عمر ثورة سبتمبر والسبع والأربعين من عمر ثورة أكتوبر ظهر أبطال جدد للثورتين ورأينا "المتشعبطين" بجلبابي الثورتين يظهرون ويجري استنساخهم كل عام، فيما أبطال الثورتين الحقيقيون غائبون عن المشهد.
إن أكبر وفاء لثورتي سبتمبر وأكتوبر أن يعاد لهما الاعتبار من خلال إعادة الاعتبار لصناعها الذين تساقطوا خلال السنوات الماضية مثل تساقط أوراق الخريف؛ ومن كان له حظ انزوى في بيته يتحسر على نضال أفقدت مراحل الصراعات المختلفة معانيه، أما الآخرون فقد ابتلعتهم القبور التي لا تعرف حتى أسرهم أماكنها.
|
|
|
|
|
|
|
|