|
|
|
|
|
الخطر القادم من رداع لن يتوقف عندها!
بقلم/ دكتور/محمد حسين النظاري
نشر منذ: 12 سنة و 10 أشهر و 28 يوماً الإثنين 23 يناير-كانون الثاني 2012 05:33 م
• يخطأ من يظن أن ما يحدث في مدينة رداع قلب محافظة البيضاء النابضة بالحياة، والتي تخالها ما أن تدخلها بأنها عاصمة لمحافظة وليست مجرد مدينة عادية، فهي تعج بالتجار والعمال والمزارعين، ناهيك عن احتضانها لقلعة العامرية كأهم المواقع السياحية في بلادنا، بالإضافة لكونها تحتضن كذلك كلية التربية والعلوم وهي إحدى كليات جامعة صنعاء قبل أن تسهم في تأسيس جامعة ذمار لتكون الآن إحدى ركائز جامعة البيضاء الفتية.
• إذاً فمدينة تخر بهذا التنوع السياحي والعلمي التجاري والزراعي، بل وتتوسط اليمن تقريباً من الناحية الجغرافية لتحتل بذلك موقعا استراتيجيا جعلها ملتقى محافظات صنعاء وذمار والبيضاء والضالع ومأرب والجوف، بالإضافة لكثافتها السكانية فهي لوحدها تمتلك خمس دائر انتخابية في مجلس النواب، ولهذا فإن وقوعها في أيدي الخارجين على القانون يعد وصمة عار في وجه الدولة التي ينبغي عليها ألا تتهاون مع ما يحدث فيها، وألا يتم التعامل مع الأمر في إطار تبادل الاتهامات فيما يتم التغاضي عما يدور على الأرض من دماء تسيل.
• امقت أن اذكر صيغة مذهبية أو طائفية أو عرقية لما يحدث في أي منطقة من بلادنا الحبيبة لاني في الأساس أؤمن فقط بأننا أخوة في العقيدة واللغة والتربة الطاهرة لا فرق بيننا إلا بالتقوى، ولهذا فإن معالجة الأوضاع يجب أن تسوى على قاعدة الخروج على القانون وترويع الأمنيين واستباحة دمائهم، بدل أن نزيد في اختلاق القصص التي تشعل فتيل الصراع المذهبي.
• على الحكومة المسارعة بنجدة الأهالي في دينة رداع فقد تواصلت مع زملائي في الهيئة التدريسية بكلية التربية والعلوم برداع كونها احد أعضائها، والذين أكدوا أن الجميع يطالب بالتدخل الفوري للدولة لبسط نفوذها قبل أن ينفرط عقد السلم الاجتماعي في رداع.
• رداع أيها الإخوة تعتبر خزاناً بشرياً كبيراً مملوء بالأسلحة، وأبناؤها ينحدرون من قبائل شتى، وهذا ما يجعل الأمر اشد خطورة، لأنه حينها يصعب التفريق بين المتقاتلين عبر هوياتهم أو مذاهبهم أو أحزابهم، فكل سوف ينتفض لنجدة أهله وأقربائه، ولن تستطيع أي قوة بعد ذلك إنهاء الصراع، خاصة وان قضايا الثأر تتواجد بقوة في هذه المنطقة وما جاورها من مديريات وعزل وصولا للمحافظات المتاخمة لها.
• هل يريد البعض إلى أن تصبح رداع أبيناً أخرى بنكبتها وتشريد أهلها وجعلهم لاجئين في بلدهم وبين أهلهم وذويهم، الأمر يختلف يا سادة فرداع ليست أبين على الأقل من حيث مستوى التكاتف العشائري والقبلي وامتلاك السلاح، ومن حيث الإنتاج الزراعي والمتمثل في زراعة القات والذي يمد مختلف مناطق الوطن، اعتقد أن اليمنيين لن يشعروا بخطورة الوضع في رداع إلا في حالة انقطاع إمدادها (القاتي) وسيستفيق عندها الموالعة ولكننا نريد أن تستفيق قبلهم الدولة ممثلة بالجهات الأمنية.
• سارع البعض لتحميل وزير الداخلية بحكومة الوفاق مسؤولية ما حدث في رداع، وهو اتهام لا يستند إلى شيء بقدر ما يراد منه اختلاق ذرائع واهية، فلو كانت الداخلية تتحمل السبب، لتحمل الوزير السابق سبب ما حدث في أبين، الأمر لا يتعلق فقط بوزارة الداخلية، ولكنه مرتبط بحالة الفوضى التي تعيشها بلادنا وهيبة الدولة التي ضاعت تارة بضعفها ومجاملتها، وتارة أخرى بمن يرى نفسه دولة داخل الدولة.
• إن اختلاق الأوضاع الفوضوية في مختلف المناطق اليمنية مؤشر خير يؤكد أن هناك من لا يريد للمبادرة الخليجية والياتها المزمنة أن يكتب لها النجاح، فإشعال الفتن في محافظة تلو الأخرى المراد منه إشغال المتحاورين والمتشاركين في السلطة في هذه الأمور وابتعادهم عن القضية الجوهرية والمتمثلة على الأقل في إرجاع الأوضاع الأمنية والخدمية إلى ما قبل فبراير 2011 حين انطلق الشباب بالتغيير السلمي الذي انقلب إلى فوضى عارمة جعلتنا نعيش أسوء فترة في تاريخ اليمن الحديث، إلا انه من ايجابياتها أنها بينت معادن الرجال وخلقت فرصة حقيقية للتغيير المنشود، والذي يجب أن يدعنا المتخاذلون لنسير بالوطن نحو بر الأمان.
• إذا ما يحدث في رداع من خطر محدق لن يتوف عندها، ولو نسارع في إخماد نيران هذه الفتنة، فلن تستقر المناطق المجاورة لها والتي بالأساس لا تشهد استقراراً معتاداً في بقية الأوقات فما بالنا وقد دخل الصراع الطائفي والعقائدي والمذهبي، والذي يغذيه بعض الذين يستهويهم أن يراق الدم اليمني بلا ثمن، وكيف للانتخابات الرئاسية أن تقام ونحن ما زلنا لم نبسط الأمن على المناطق التي كانت على الأقل هادئة إبان الأزمة فما بالنا بالمناطق المشتعلة
باحث دكتوراه بالجزائر
*
mnadhary@yahoo.com |
|
|
|
|
|
|
|