يُستـَدل من التفجيرات الإرهابية الصارخة والعمليات القتالية الطاحنة، أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب والتنظيمات المرتبطة به، باتت في الآونة الأخيرة تمثل مشكلة خطيرة بالنسبة للقيادة اليمنية الجديدة، مما يحتم على الجهات الأمنية أن تنشئ خطة استراتيجية تتوقع كل الاحتمالات، وتقوم بالتالي بتحديد الخطط لكل حالة دون استبعاد أي احتمال، مع ضرورة تكثيف الدعم اللوجستي لليمن في مواجهة هذا التنظيم الإرهابي.
أولى خطوات الحل لاستقرار اليمن واستئصال سرطان «القاعدة» منه، تكمن في برنامج دولي قوي يوجه نحو تنمية اليمن، مع التأكيد على تحقيق مصالحة وطنية متكاملة. حينها تفرز القوى المستعدة للعمل من أجل المصلحة الوطنية، عن تلك التي تنحو منحى «القاعدة»، وهو ما سيساعد على تحديد الأهداف في بلد أبرز عوائقه هو تشابك الملفات مع بعضها.
وتتطلب الأزمة الحالية حزمة من الحلول لا تقتصر على الحل الأمني فقط، وهو أقصى ما يقدمه الغرب من دعم في هذا الخصوص. فتدفق معدات التعقب والتدريب على مكافحة الإرهاب وتجهيز القوات الخاصة، لا يقدم وحده الحل السحري لمحاصرة الإرهاب، بل يقدم للحكومة اليمنية وصفة سهلة محدودة التأثير وقصيرة المدى، بينما تستمر معاناة المجتمع على المدى الأطول. والشاهد أن هناك حاجة واضحة لعقد مؤتمر وطني للم شمل المجتمع اليمني، الذي تتزايد فيه الاحتجاجات على واقع عدم إحراز ما يكفي من التقدم في عملية التنمية.
وبالتالي فإذا ما أرادت الولايات المتحدة والأطراف الدولية الأخرى مساعدة اليمن والوقوف إلى جانبه في حربه ضد الإرهاب، فإن الطريق إلى ذلك يبدأ بالمساهمة الفعلية في تنميته ومساعدته على التخلص من عوامل الفقر والبطالة وتجاوز حالات التشرذم المجتمعي.
إن هذه الاستراتيجية التنموية الشاملة وحدها، هي التي ستمكن اليمن من القضاء على منابع الجهل والتشدد والتطرف، المؤدية إلى الانحراف والإرهاب.. أما غير ذلك فليس أكثر من خلط للأوراق وبعثرتها، وإدخال اليمن من خلال المواجهة مع القاعدة في دوامة محكمة الإغلاق، وستنعكس تداعياتها سلباً على أمن المنطقة واستقرارها.