خلال ماضي عمرنا عشنا في سلام ووئام وحب وتسامح وتلاحم، نصلى ونصوم، ونؤدي أركان الإسلام، ونتعاطى، ونتعامل، ونتزاوج ونتصاهر.. دون أن نسأل لماذا هذا يضم في الصلاة؟ ولماذا هذا يسربل؟ ولماذا هذا يقول: حي على خير العمل، وهذا لا يقولها؟!! كنا نعيش مع بعض دون الالتفات إلى مثل هذه المسائل، ونجعل منها مسائل خلافية.. كنا ننظر لبعض شوافع، وزيود، وإسماعيلية، وخلافه، أننا مسلمون إخوة أحبة، وننظر أن الله قد أعزنا بالإسلام، ووحّدنا، وآخى بيننا، وأن كتاب الله وسنة رسوله تجمعنا، وماعدا ذلك من الفرعيات لكل واحد ما يريد، لكن لم تؤخذ أبداً كمسائل خلافية بيننا، أو تؤثر على وحدتنا وأخوتنا، أو إلى إثارة الفتن والعداء وتكفير بعضنا لبعض.
< وهكذا بقية البلاد العربية والإسلامية كانت تعيش شعوبها في سلام ووئام وإخاء بين المسلمين بمذاهبهم المختلفة، وبين المسلمين ومواطنيهم من المسيحيين، أو الأقليات اليهودية، أو.. أو الأقليات العرقية.. الجميع يحترم الآخرين، ويحترم مذاهب بعض، ويحترم ديانات ودور العبادة للآخرين، ويحترم اعتقادات بعض، وكان العلماء والخطباء والمرشدون يقومون بأدوار رائدة في الوعظ والإرشاد؛ للحفاظ على السلام والتعايش والتسامح والإخاء والحب بين أبناء المجتمع، ويدعونهم دائماً إلى المحبة والتعاون والسلام وفقاً لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذلك هو الدين الحق يوحّد ولا يفرق، يجمع ولا يشتت، يلملم ولا يبعثر، ينشر الحب وليس الكراهية.. ويؤكد على التسامح، ويذم الحقد، يحرم دم المسلم وعرضه وماله، ويؤكد على حقوق أهل الذمة، وذلك ما رسخه الخلفاء الراشدون أثناء الفتوحات لبلاد الشام والعراق ومصر وشمال أفريقيا.. هذا هو الدين الحق الذي حفظ لبلاد العرب والمسلمين قوتهم ووحدتهم وأمنهم وتعايشهم وسلامهم في أقطارهم، وحقق لهم الأمن والاستقرار والطمأنينة.
< لكن... ومنذ بدأنا نسمع عن الحركات الدينية «إخوان، وسلف، وسنة، وجهاد، وقاعدة» وغيرها من الحركات حتى صرنا نسمع ونقرأ ونعيش انقسام وتمزق المسلمين شيعاً وأحزاباً وفرقاء.. كل فرقة وكل حزب يكفر الحزب والفريق الآخر، وكلهم يكفرون كل المسلمين الذين لا ينتمون إليهم ويعارضونهم.. بل ويحرضون ضدهم، ويفتون بقتلهم وإباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم، وصارت المنابر في المساجد للقدح والتكفير للآخرين وإثارة الفتن بين أبناء الإسلام وضد أصحاب الذمة؛ لتتحول بلاد العرب والمسلمين ساحات للفتن والحروب بين أبناء الإسلام وبعضهم البعض.
والمتابع للأخبار يلاحظ كم من أبناء الإسلام يقتلون ويصابون يومياً في اليمن والعراق وسوريا ولبنان ومصر وليبيا والسودان والصومال والجزائر وباكستان وغيرها بواسطة الأحزمة والسيارات المفخخة والهجمات المسلحة من قبل أعضاء في الحركات الدينية التي تدّعي أنها على الإسلام، والإسلام منها براء.