في أسبانيا وقبل أن تحل أعوام اليمن العجاف.. وخلال يوم سياحي واحد تعرضت لضربتين.. ولا يخفى على حلمكم أن ضربتين في الرأس توجع..!
* الضربة الأولى عندما زاحمت المشاركين في مؤتمر الاتحاد الدولي للصحافة الرياضية لأكون داخل الصورة التذكارية الجماعية أمام أحد التماثيل، فإذا بالدليل السياحي يؤكد أن صاحب التمثال هزم المسلمين في معركة مفصلية.. وحينها داهمتني والزميل مطهر الأشموري أوجاع ذلك الذي ضربوه في سوق القات فأخفى الحكاية حتى اللحظة.
*والضربة الثانية عندما قالت مرافقتنا السياحية إنها تمتد في الجذور إلى جد عربي، مشيرة إلى عينيها السوداوتين.. ليلتها قضَّيتُ مساء حزيناً مع أغنية فيروز (يا زمان الوصل في الأندلس)
*أما الفضل في تذكري لهذه الحكاية فهو مشاهدتي لتغطية تلفزيونية من مهرجان الطماطم في أسبانيا.. وهو بالمناسبة مهرجان يدفعنا للتحسر على تواضع عنايتنا بمهرجان الرمان، مكتفين من السياحة بمهرجان حديقة صيف صنعاء وأوبريت "هيا نغني للمواسم"..!!
* الطماطم عندنا أخذته العزة بالغلاء، فوصل سعر الكيلو إلى 500ريال، فيما يخرج عشرات الآلاف من الأسبان في بلاد الأندلس "سابقاً" ليقذفوا بعضهم "بالطماطم"، وسط اهتمام ومتابعة سُياح من ستين دولة يأتون سنوياً ليستمتعوا بإثارة التراشق بما تقذفه الشاحنات، بصورة تجعل المحرومين اليمنيين يحدثون تعديلاً جوهرياً على أمنيتهم التاريخية القديمة (يا ليت صنعاء عصيد والبحر زوم، وقاع جهران ملوجة واحدة).
*انتهى مهرجان أسبانيا الذي احتضنته فالنسيا بمرشات المياه، وأحاديث عن الإثارة والمتعة وأهمية الطماطم في تلميع الشوارع.. وبقيتُ مثلكم عالقاً في هذه السفينة اليمنية التي يتحكم في مصيرها مجاميع من الحمقى يحولون بين الشعب وبين التغيير الحقيقي إلى الأفضل.
* وفي بلد الموارد فيه ذكية يديرها الغباء، يكون من الترف الدعوة إلى مضامين مهرجانات يمنية كان يجب أن تحمل نفس الإثارة ونفس الرفاهية، لولا أن الطريق إلى مهرجان رمان صعدة محفوف بمخاطر تقاذف من نوع آخر على النحو الذي أفضى إلى قتل أسرة من المسافرين في أحد مطاعم حوث.
*فعلاً ما أكثر الحملات الوطنية ابتداءً بالحملة الوطنية للعودة إلى المدارس والحملة الوطنية للشلل.. إلخ.. لكن كل هذه الحملات تبقى محض إخلاء العهد، وحيث لم يكن بمقدورنا حضور المهرجان الرابع للرمان، إيثاراً للسلامة، فليس أفضل من الفرجة على المهرجان اليمني الثاني للأفلام حيث الإبهار مجاني.. فيما الطريق إلى مهرجان الرمان غالية الثمن، ومحفوفة بمخاطر الطريق..!