• شهدت الفترة الأخيرة تعاظماً وتنامياً غير مسبوق لخطر تنظيم “القاعدة” في بلادنا وتوسيع أعماله الإرهابية في أكثر من منطقة وآخرها الاعتداء الإجرامي الذي أقدمت عليه عدد من العناصر الإرهابية ضد قوات الجيش في محافظة شبوة صباح أول أمس الجمعة وراح ضحيته عشرات القتلى والجرحى من القوات الخاصة، هذا الاعتداء وفي هذا التوقيت بالذات يمثل تهديداً خطيراً للأمن والاستقرار في البلاد، بل ويهدد المرحلة الانتقالية برمتها.
• إذا كانت عديد التقارير المحلية والدولية تؤكد أن تنظيم «القاعدة» موجود في بلادنا وكان ولا يزال ينفذ العديد من عملياته الإرهابية منذ عدة سنوات، كما أن الأوضاع التي تمر بها البلاد وما رافقها من انفلات أمني واسع النطاق أسهمت إلى حد كبير في تزايد حضور تنظيم «القاعدة»، لكن التساؤل المشروع يتمثل في جدوى كل تلك الضربات التي كانت تقول الأجهزة العسكرية والأمنية إنها وجهتها لتنظيم «القاعدة» وكبدته الكثير من الخسائر؟! بينما الواقع يقول إنه يزداد توسعاً وانتشاراً وتتعاظم عملياته يوماً بعد آخر، بل وأصبحت عناصره أكثر جرأة لدرجة مهاجمة معسكرات ونقاط أمنية يفترض أن تكون عصية ومحصنة ضد هكذا عمليات.
• هذه الأعمال الإرهابية هدفها النيل من اليمن وتشويه سمعته والإضرار بمصالحه، فما أن تحاول البلاد السير قُدماً حتى تواجه أعمالاً إجرامية جديدة، وبدلاً من التفرغ للبناء والتنمية يصبح التركيز على محو آثار ونتائج هذه الأعمال الإرهابية، الأمر الذي يجعل من محاربتهم والقضاء عليهم واجباً دينياً ووطنياً لأنهم يشوهون الإسلام بهمجيتهم وتصرفاتهم العدوانية التي تتعارض مع ديننا الإسلامي الحنيف ومبادئه وتعاليمه السمحة وتتعارض أيضاً مع سلوكيات وأعراف أبناء مجتمعنا اليمني الذي عُرف عنهم مُنذ القدم بأنهم “ ألين قلوباً وأرق أفئدة” في بلد وصِف بـ (بلد الإيمان والحكمة)، كما أنهم يسيئون إلى سمعة اليمن سياسياً ويضرون بمصالحه الاقتصادية.
• إننا مجبرون على أن نواجه هذا الخطر بأنفسنا، ليس لأنه يشوه اسمنا وسمعة بلادنا لدى الآخرين ويضعنا كخصم أمام العالم وحسب، بل لأننا نشكل أيضاً أحد أهم أهدافه وأكثر المتضررين منه، فبالتوازي مع العمليات العسكرية والأمنية لدك أوكار الخلايا والعناصر الإرهابية، لابد أيضاً أن نتنبه إلى العوامل والظروف الحاضنة للإرهاب، ولعل أحدها وأكثرها أهمية المؤسسات والمراكز التعليمية الدينيـة المُسيسة التي يغلفها القائمون عليها بخلفيات إسلامية وجلباب الورع والزهد والتقوى بينما هي في الحقيقة ليست إلا معامل لتفريخ الإرهابيين المعبأين بالنهج الجهادي المتزمت، وليس خافياً على أحد كيف يتم استغلال هذه المؤسسات والمراكز لغرس ثقافة الغلو والأفكار المتطرفة لخدمة أهداف أخرى أبعد ما تكون عن الإسلام.
• أيضاً من وسائل محاربة الإرهاب تجفيف كل منابع الترويج للشعارات والأفكار الضالة المنسوبة إلى الإسلام وهو منها براء، والحؤول دون وصول هذه الأفكار إلى الشباب المهددين بأن يصبحوا لقمة سائغة باسم الدين لتجار الدم من الإرهابيين، ولا بد من محاربته إعلامياً من خلال الكشف عن بشاعة أفعال هؤلاء وما يقترفونه من جرائم وأعمال مشينة، ودينياً من خلال التأكيد على رفض الدين لهذه الأعمال ونبذه لها، باعتبار أن الإرهاب ظاهرة إجرامية مرفوضة في جميع الأديان السماوية والأعراف والمواثيق الدولية.
• إن الأهم الآن هو كيف تتوحد جهود الجميع لمواجهة خطر “القاعدة” ومجابهتها ومحاربة هؤلاء المجرمين وبكافة الوسائل المتاحة، ودعم كافة الجهود المبذولة لمواجهة التنظيمات الإرهابية وضربها أينما وجدت، وليس تبادل الاتهامات حول من يستخدمها أو من يدعمها ويرعاها، على أن هذه المسئولية لا تقع على عاتق الدولة وحدها بقدر ما هي مسؤولية كل فرد يهمه أمن وسلامة واستقرار الوطن وسمعة الإسلام والمسلمين.
• دون مواجهة هذه العناصر الإجرامية والتصدي لها بحزم وقوة من قبل الدولة والمواطنين على حد سواء، فإننا إنما نسهم في تدمير وطننا ومستقبل أبنائه ونؤكد تلك النظرة السلبية تجاه الدين الإسلامي الذي يصفه بعض الذين لا يدركون جوهره الحقيقي بأنّه “ لا يعرف العفو والصفح والسماحة، وإنما جاء بالعنف والتطرف والسماجة”!!
k.aboahmed@gmail.com