قتلوا ياسر عرفات بالسُّم , ويقتلون اليمنيين كل يوم بالسُّم نفسه.. والفارق أنهم تسلّلوا إلى عرفات وإلى مطبخ طعامه بينما تذهب عصابة يمنية إليهم علانيةً وبأموال الشعب كي تشتري سُمّاً إسرائيلياً زُعافاً وممنوعا في كل دول العالم وبحجّة أنها تشتري سُمّاً للآفات الزراعية.
منذ عشرين عاما على الأقل واليمنيون يُقتلون بالسمّ الإسرائيلي, وإذا كان الزعيم الفلسطيني الراحل قد اغتيل بالسم المدسوس في طعامه وشرابه فإن اليمنيين يستوردون وعبر الأردن-كمحطة ترانزيت- أكثر أنواع السموم فتكا في العالم.. السم الإسرائيلي الممنوع دولياً !
قال لي أحد رجالات الأردن أن المواطنين الأردنيين مندهشون من مرأى الشاحنات الإسرائيلية وهي تفرغ حمولتها من السموم كي تُحمل مرةً أخرى على شاحناتٍ تسافرُ بها صوب اليمن وعبر السعودية, بعد أن تم تغيير اسم بلد الصنع المطبوع على العبوات,.. وحتى لو لم يتم التغيير لأسماء الماركات الإسرائيلية فإن الوصول إلى الأسواق مضمونٌ وذلك إمّا عبر التهريب أو عبر المنافذ الغافلة النائمة والدائخة وربما المتواطئة.
أعرف أن الكثيرين في اليمن لا يأبهون لخطر السّم الإسرائيلي وخاصة السياسيون والمثقفون !.. سيقول لك أحدهم: هذه معلومة قديمة وها نحنُ ما زلنا نمشي على أقدامنا !.. وسأجيبه: أيها المهترئ أنظر إلى حالك !.. أنت لا تمشي بل تترنّح, وبالكاد تقف على قدميك !.. وأنت لا تتحدث بل تشتم , وأعصابك نارٌ , ودمُك حريق !.. وأنت لا تحاور بل تكذب وتغالط ! تقاتلُ مساءً وتتحاور صباحاً ! وتدخلُ الموفنبيك ورائحة البارود ملء ثيابك !.. تُنكرُ يمنيّتك وتعتقد أنك ما زلت تمشي على قدميك.. فهنيئاً لك بنفسك !
لم ينتبه أحدٌ قبل أيام لخبرٍ تداولته وكالاتُ الأنباء مفاده أن اليمن أصبحت الرقم الأول في مستوى أمراض القلب وعلى الوطن العربي كله ! لم ينتبه أحد لأن اللامبالاة هي أحد نتائج السّم الإسرائيلي ! ولذلك لم يعد اليمنيون يأبهون أو يأسفون على شيء على الإطلاق. انظر إلى الدولة هل تأسف على كهربائها ونور عينيها ! أو على نفطها ودم قلبها المهدور في الصحراء.. هل يأسف السياسيون والمناضلون وهم يوارون الثرى أحلام خمسين عاماً.. وآمال أجيالٍ في التقدم والقوة والعدالة والمساواة والمواطنة المتساوية !
القلب اليمني مريض , والمخّ مضروب , والذاكرة ممسوحة والكِلْيةُ لا تعمل بفعل السموم.. هل سمعتم أن أحداً في العالم يشتري من عدوّه سُمّاً؟.. وحدهم اليمنيون يفعلون ذلك ! بينما الدولة نائمة أو غافلةٌ أو متواطئة !.. والأرجح أن رؤوسا كبيرة أدارت وتدير المؤامرة.. ولكن من سيُحقّق في الجريمة ؟ ومن سيجرؤ على الكلام والاتهام؟.. من أتلف أمخاخ اليمنيين وأفسد قلوبهم وأشعل أعصابهم وأعطب كِلْياتهم !.. أجهزة الكلى لم تعد كافية في المستشفيات.. والكهرباء تُكمل ما نقص !
هل ما يزال أحدٌ يشكّ أنّ ثمّة جائحةً داهمةً تعصف بالشخصية اليمنية منذ سنوات ! استمعوا قليلا لملهاة مؤتمر الحوار وتأملوا , وقبل ذلك استمتعوا مذهولين بقنواتهم الفضائية.. باليمنيين يُنكرون يمنيتهم.. باليمن تغدو أقاليمَ وباللصوص يصبحون أقانيم.. بمن قتل الشعب وفتك بجيشه مشاركاً وشريكاً في السُّلْطة.. أو السَّلَطة.. لا فرق ! تأمّلوا وانذهلوا.. وإذا أفقتم اكتبوا مرثيّةً طويلةً كي تقرأها أجيالنا القادمة .. لا تكتبوا قصيدةَ مدحٍ أو تقيموا احتفالَ بهجة.. فلا أحد يحتفل بموته , أو يحتفي بأشلائه.. وحدهم المجانين يفعلون ذلك !
في كل أسبوع تمتلئ عشرات الطائرات بضحايا السم الإسرائيلي في طريقها للعلاج في القاهرة وعمّان وألمانيا.. بينما يَسْعَد المجرمون المخططون بمزارعهم الخاصة فهم لا يأكلون مما يأكله الشعب , ولا يشقون بما يشقى به ويعاني منه.
الأعصاب منفلتة , والرؤوس دائخة , والعيون زائغة .. فتّش عن السبب وستجد أنه السم الإسرائيلي بأنواعه , وفساد الحكام بألوانه.. غريمان متعاضدان وهما وجهان لعملة واحدة وهدف واحد هو سرقة هذا الشعب عبر تغييبه وتفتيته ! والمؤامرة مستمرة وطائرة العيّانين في الانتظار !