من الواضح أن لعبة التمادي في أعمال الفوضى والتخريب والتعدي على سلطة النظام والقانون وإراقة دماء الأبرياء من المواطنين وجنود الأمن قد تجاوزت حدود حرية الرأي والتعبير وأي شكل من أشكال الحقوق الديمقراطية المكفولة دستورياً وقانونياً لتدخل دائرة "المحظور" ونطاق الجريمة المنظمة والأعمال الإرهابية التي تستهدف أمن واستقرار المجتمع والسلم الأهلي ومسيرة بناء الوطن.
وبانزلاق هذه الحالة نحو التصعيد العنيف والممارسات العدوانية والإرهاب المنظم، تصبح أجهزة الدولة بحكم الدستور والقانون معنية بكبح جماح تلك العناصر التخريبية والفوضوية التي تتحرك ضمن مخطط خارجي يضمر العداء لليمن ووحدته واستقراره ولما من شأنه إيقاف تمادي تلك العناصر وانحرافاتها وتجاوزاتها لكون الدولة وأجهزتها المختصة هي من تقع عليها مسؤولية حماية أمن المجتمع وحفظ سكينته العامة وصون مقدراته من أي عبث أو مساس.
وأي قصور في هذا الجانب إنما هو الذي يضعها تحت طائلة المساءلة القانونية من قبل سلطات الشعب ومؤسساته الدستورية.
والحق أن أي تسامح مع هذا التصعيد الخطير الذي أخذ منحى الطابع الإجرامي والإرهابي سيؤدي إلى مزيد من التدهو والانفلات الأمني وفتح الساحة الوطنية أمام بروز ظواهر نائمة وتوالد أنواع جديدة من التشكيلات التي يغلب عليها طابع التطرف والعنف في التعبير عن مراميها ومطامحها والاستعداد لسلوك الوجهة الدموية من أجل الوصول إلى غاياتها الدنيئة لينسحب الأمر على مجريات التنمية وتعطيل الجهود المبذولة للارتقاء بالشأن الديمقراطي وإعاقة المسيرة الوطنية في شتى المناحي والأصعدة.
وتواجهنا هذه التداعيات التي يفتعلها أعداء الوحدة في بعض المديريات بالسؤال الهام والكبير والخطير: هل ما يحدث في تلك المناطق حراك سلمي.. أم تحرك قاعدي إرهابي؟!.
حيث وأن أول ما تشير إليه الإجابة أن ذلك الحراك هو من يتلقى الأموال المدنسة من دوائر مشبوهة في الخارج والهدف واضح وهو السعي إلى إشاعة الفوضى في بعض المناطق وتحويلها إلى مأوى للعناصر الإرهابية، وذلك ليس من باب التخمين بل أن ما يترافق مع الحراك من تحرك يكشف عن أنه الذي أصبح يتأطر ضمن تحالف إرهابي تلتقي أطرافه المتناقضة على هدف مشترك هو فرض الانفصال بالقوة وهو رهان خاسر لا محالة ومحكوم عليه سلفاً بالفشل إن لم يكن أبعد على أولئك الحالمين والواهمين من عين الشمس.
وعلى أولئك السذج من قوى الإرتداد والإرهاب أن يعلموا علم اليقين أنهم إذا ما آلت الأمور إلى التناحر والاضطراب واشتعلت نار الفتنة، فإنهم أول من سيصلون بجحيمها ويكتوون بشررها المتطاير ولن يفلحوا حينها من النجاة والهرب من نهايتهم المخزية.