يمكن القول إن العلاقات السعودية اليمنية مرت بعدة مراحل. وهاهي اليوم تستعد للدخول في مرحلة جديدة بعد التعاون السعودي اليمني في مواجهة المخاطر الأمنية التي كانت تهدد اليمن والسعودية معا. ولا يغيب عن أنظار المراقبين أن التحديات الأمنية التي تواجه البلدين ما زالت ماثلة خاصة من قبل تنظيم القاعدة.
كما أنه لا يمكن الاطمئنان الكلي إلى حركات التمرد التي تواصل التسليح والتدريب والارتباط بالقوى الخارجية؛ الثورية الطائفية؛ التي تحاول زرع الفتن والقلاقل بين المسلمين رافعة هتافات زائفة ومستهجنة عن التبعية والاستعمار، والوطنية والاستقلال، والكفر والإيمان. فالمنطقة وبوضوح تام تتجه إلى الفوضى بفضل السياسات الإقليمية المتطرفة التي تزرعها إيران في المجتمعات العربية.
وتستجلب لها القوى الأجنبية من خلال وعدها ووعيدها بإشعال الخليج إذا لم يتركها الغرب تنتج قنبلة نووية تهدد بها جيرانها.
واليمن الذي تريد له إيران وغيرها أن يكون ساحة لتنفيذ أجندتها مثلما فعلت في لبنان. تتهدده أخطار أخرى منها الأوضاع في الصومال والقرن الإفريقي، وكذا ما يعتري التماسك السياسي الداخلي من اختلالات تستوجب الحوار الوطني والتغلب على ما يعانيه بعض أهل اليمن من شعور بالضيق.
الزيارة التي يقوم بها اليوم الرئيس اليمني علي عبدالله صالح إلى المملكة ولقائه بخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وولي عهده هي مظهر من مظاهر المسؤولية القومية للرئيس صالح. فسيادته يعرف أن أمن اليمن هو أمن للجزيرة العربية والخليج. وهو بعد تجربة التعاون الثنائي بين البلدين الذي أسفر عن دحر قوى التمرد. أصبح - على ما يبدو - أكثر عزيمة وإصرارا على التعاون الإقليمي والدولي لمواجهة الإرهاب. لأن اليمن إذا أخفق - لا سمح الله - في دحر الإرهاب سيتحول إلى دولة فاشلة ومرتع لتجمع الإرهابيين مثلما كان الأمر في أفغانستان. والجميع يعلم كيف تطورت الأمور في هذا البلد حتى أصبح مقرا للأحلاف العسكرية الدولية والقوى الأجنبية من كافة أنحاء العالم.
إن المملكة العربية السعودية التي ظلت وفية لليمن طوال تاريخها الحديث، وكان آخر ما اتخذته دعم متطلبات صنعاء في مؤتمر لندن الأخير، ستظل إلى جانب اليمن وأمنه واستقراره ووحدة أراضيه. لكن هذا لا يغني عن وحدة كلمة أهل اليمن. وليس بديلا للجهد الرئيس في نهوض اليمن من كبواته والذي تقع مسؤوليته على أبناء اليمن أنفسهم. فما يقدمه الأشقاء والأصدقاء هو جهد مرادف ومكمل لجهود الحكومة اليمنية والمجتمع اليمني بقطاعاته الرسمية والأهلية الشعبية.