تأخر الحوثيون كثيرا في الحديث عن توصلهم مع المكونات السياسية الأخرى في اليمن إلى حل شبه نهائي لتشكيل المجلس الوطني المكون من 551 عضوا، فمجريات الأمور اتجهت نحو الأسوأ، وصار من الصعب إيجاد مخرج للإنقاذ إن لم يخرج الحوثيون من المشهد تماما، وهذا ما لن يفعلوه. لذلك لن تقدم أو تؤخر مصداقية هذا الكلام – إن صدق الحوثيون –، لأنهم قد ينقلبون على الاتفاق كما فعلوا في جميع التعهدات التي سبق أن أعطوها وتراجعوا عنها.
ولعل محاولة الحوثيين احتواء الأمر في الخطوة الجديدة ناتجة عن شعورهم بتفاقم مأزقهم بعد الرفض الشعبي العارم لانقلابهم على الشرعية، وتصاعد حدة المواجهات المسلحة مع القبائل، مثل التي تحدثت أخبار الأمس فيها عن مقتل 35 حوثيا وأسر العشرات منهم بعد الاشتباكات مع القبائل في البيضاء.
كذلك الرسائل التي وجهت للحوثيين من دول كبيرة مؤثرة ومن دول الجوار بأن عدم تراجعهم عن الانقلاب سيجعل اليمن في عزلة دولية، وما تعليق المملكة والإمارات العربية المتحدة أمس أعمال سفارتيهما في صنعاء، ومثلهما ألمانيا وإيطاليا، وقبل ذلك الولايات المتحدة الأميركية وفرنسا وبريطانيا إلا دليل على أن المجتمع الدولي لا يمكن بأي حال أن يتعامل مع الحوثيين كسلطة في اليمن نتيجة تدهور الأوضاع والفوضى التي أوجدوها بتصرفاتهم غير المسؤولة. وهو في الوقت ذاته رسالة لهم تقول إن سعيهم إلى فرض واقع جديد بالقوة لن يجدي نفعا، وليس أمامهم إلا التنحي عن المشهد والعودة إلى المبادرة الخليجية التي وجدت القبول لدى مكونات الشعب اليمني وتياراته السياسية، وكذلك إلى مخرجات الحوار اليمني الذي رعته المنظمة العامة للأمم المتحدة.
على الحوثيين أن يعلموا أن جعل القرار اليمني رهنا لمصالحهم ومصالح داعميهم في طهران، وغياب الأمن وعدم الاستقرار، لن تقود إلى دولة تمتلك مقومات الاستمرار ولديها القدرة على التنمية وصناعة اقتصاد جيد وقوي، ولو أضيف إلى ذلك إغلاق سفارتين لأكبر الدول المانحة لليمن وهما السعودية على المستوى العربي، وألمانيا على المستوى الغربي، فالفشل الذريع هو ما سيلقاه الحوثيون، وإن كان ذلك الفشل ماثلا اليوم بحسب المعطيات الحالية، فإنه سيكون أوضح في القريب العاجل، وعندها لن تنجح كل محاولات الترقيع من قبل الحوثيين في انتشال اليمن من المستنقع الذي سحبوه إليه بالإرهاب وسطوة السلاح.