بسبب وجود طرف أو أطراف مسلّحة كما هو حال «حزب الله» لم يعد لبنان الشقيق قادراً على تشكيل حكومة أو تسمية رئيس جمهورية دون توافق وتراضي الأطراف الإقليمية والدولية اللاعبة على الساحة اللبنانية.
وبفعل المحاصصة ثم السلاح الذي كان مقاوماً للخارج وأصبح مقاوماً للداخل؛ بات لبنان بلداً غير قادر على النهوض والإنماء والعودة إلى مكانته السابقة «سويسرا الشرق» لأن كل شيء أصبح محاصصة وتقاسماً.
وهذا الأمر يشلُّ أية حركة للتطوير، ويبقي الحال كما هو عليه «محلّك سر» وتصبح أكبر نعمة يمنّون بها على شعبهم هي نعمة التوافق نظراً للتكلفة الباهظة عند أية محطة اختلاف أو افتراق.
وفي بلادنا ليس هناك ميليشيا مسلّحة واحدة وإنما ميليشيات مسلّحة عانينا منها في الماضي والحاضر؛ وسنظل نعاني إلى أن يشاء الله وإلى أن تكون هناك مشيئة للإرادة السياسية لحسم الأمور.
البداية كانت مع الميليشيات القبلية التي جعلت من أطراف قبلية ووجاهات اجتماعية تمتلك نفوذ دولة داخل الدولة؛ وهو ما أصبح معه حلم دولة النظام والقانون مجرّد حلم وشعار فضفاض مع وقف التنفيذ, كما أن البعض اعتبر أن هناك امتداداً لتلك الميليشيات المسلّحة جعلها أيضاّ مصدر قوة لأطراف سياسية سواء كانت دينية أم غيرها.
ثم وجدت الميليشيات المسلّحة المتطرّفة التي عادت مطلع تسعينيات القرن الماضي من ما كانت تسمّيه «جهاد السوفييت الملحدين» إلى جهاد الأمريكان وأتباعهم على الساحة اليمنية؛ ولكنه على أرض الواقع كان جهاداً ضد وطن ازداد معاناة بفعل جرائمهم وضد ملايين من المؤمنين الأبرياء الذين تحوّلوا إلى فقراء وعاطلين بفعل تدميرهم السياحة والاستثمار وحركة البناء والإنتاج جرّاء التفجيرات والأعمال التي أدّت إلى عزوف عشرات أو مئات الشركات الأجنبية سواء النفطية أم غيرها.
ثم أطلّت علينا الميليشيا الطائفية المسلّحة التي رفعت شعار« الموت لأمريكا والموت لإسرائيل» في حين أن معاركها سواء مع الجيش أم مع الميليشيات المناوئة لها أكانت قبلية أو دينية حصدت آلاف القتلى والجرحى اليمنيين المؤمنين..!!.
وللأسف الشديد أن جميع تلك الميليشيات سواء القبلية أم المتطرّفة دينياً وطائفياً؛ جميعها كانت تضفي على سلاحها الآلي سلاحاً دينياً تدّعي معه أن كل أفعالها وممارساتها هي دفاع عن الدين وغيرة على العقيدة أو المذهب, مع أنها أزهقت أرواحاً مؤمنة، وأراقت دماءً مسلمة، وهدمت اليمن حجراً حجراً وليس الكعبة فقط.
وبالتالي نحن اليوم أمام مفترق طرق, وعلى الدولة أن تحزم أمرها وتقوم بدورها ومسؤوليتها التاريخية بنزع سلاح كل الميليشيات؛ وبحيث يكون لدينا سلاح الجيش والأمن فقط.
لا نريد أن يستمر مسلسل اتفاقات الهُدنات والتهدئات التي تحوّلت معها الدولة إلى وسيط, وتحوّل معها اليقين إلى مجرد شك في إمكانية العبور إلى الدولة المستقبلية المدنية.
alhayagim@gmail.com