ما ذهبت إليه في الأمس حول السياسة الأمريكية في المنطقة؛ لا يعني تنازلاً عن قناعاتي أن النظام العربي كانت له مثالب حقيقية، وأن تلك المثالب شكَّلت سبباً جوهرياً لانتشار الدين السياسي العُصابي السيكوباتي، وأن اندلاعة الانتفاضة العربية الشعبية جاءت عفوية، بقدر انتمائها إلى معنى الصُّدفة في التاريخ، مما لسنا بصدد استعادته هنا؛ لكن كل تلك الحقائق تم توظيفها بكيفيات فوضوية ترى أنها خلّاقة، وليست كذلك البتَّة؛ ذلك أن مثلث الأيديولوجيا والأخلاق النمطية وفق الطراز الأمريكي والقوة الكاسحة.
مازال هذا المثّلث سيد الموقف في صنع القرار الأمريكي؛ ذلكم المثلث الذي قاعدة ركنه: الأيديولوجيا النيتشوية البراغماتية العُنفية الهرمجدونية من جهة، والحديث عن الحرية والازدهار والديمقراطية من جهة أخرى، ثم يتربَّع على قمته منطق القوة الكاسحة التي تأتي كحصيلة منطقية لركني القاعدة التي أشرت إليها، أي أن الحديث عن الحرية والديمقراطية والازدهار محض هراء صرف، ومجرد مصوغ غير أخلاقي لتبرير نظرية الحل بالعنف، ثم يأتي العنف الفعلي ليحدّد جوهر هذا الفكر المُتطرف، باسم الحرية والديمقراطية ومستقبل الشعوب.
تلك قراءة أُولى للحالة الأمريكية السياسية الراهنة التي تستحق المزيد من الاستطرادات، حتى نعرف أين تقع أقدامنا، وما هي المسافة الفاصلة بين أمريكا «المِثال الطوباوي» وأمريكا الاندفاع والجنون، ولنعرف أيضاً وضمناً التشابه الموضوعي بين ما يجري في سوريا واليمن والعراق وليبيا، باعتبارها عتبة الانطلاق المتجدّدة نحو المزيد من الفوضى، وإرعاب المرعوبين أصلاً، وإنعاش سوق السلاح المقرون بالقتلى والمشرّدين..!!.
Omaraziz105@g