بعودة وامضة إلى تقاليد الحرب الباردة ووعودها الفاجعة بالزلازل والخرائب، نستطيع الآن أن نلمس درجة الانزياح المهول في تصاعد القابليات التدميرية، مما هو ملحوظ في عالم المعلومات والوسائط والتكنولوجيا المُتَفلتة من عقالها، بل حتى تلك الإشارات المبكرة التي قال بها الجنرال الروسي «ليبيد» الذي كان حاكماً لسيبيريا الكبرى، قبل أن يلقى حتفه في حادث طائرة هيلوكوبتر اصطدمت بخطوط الضغط العالي للكهرباء، بحسب الخبر الرسمي الروسي.
كان “ليبيد” يصر على ضرورة تعقب 90 شنطة نووية خرجت من إضبارة الجيش السوفيتي !!، وكان يعيد تكرار تلك اللازمة حتى وافته المنيّة.
إذا كانت الشنط النووية التي قال بها “ ليبيد” مجرد تطيُّر منكور من قبل القيادتين الروسية والأمريكية، فلماذا كان يصر على تكرارها، ولماذا لم يتم التعامل جدياً مع تصريحاته المُخيفة، وأين هي تلك الشنط النووية الافتراضية القادرة على حرق مدن بكاملها؟!
تلك واحدة فقط، من إشارات وعلامات الجنون، وليس آخرها ترسانة الأسلحة الكيماوية المُعترف بوجودها في سوريا المشتعلة. ويمكن للقارئ الكريم بعد هذا أن يدرك أبعاد الرعب الذي تعيشه البشرية في ظل أوضاع مترجرجة وغليانات متواصلة، واختلالات في موازين الحق والعدل.
في مثل هذه الأوضاع ليس أمام العقل الجمعي العالمي الرشيد من خيار سوى البحث عن ميثاق دولي جديد، يعيد الأُمور إلى نصابها، ويضع النقاط على الحروف حول الحقائق التي تتغطّى بأردية مخملية فارغة، وتأتي في المقدمة حل مشكلة الفقر والفاقة والتبعية، ذلك أن هذا الثالوث المخيف هو النبع الدائم لثلاثية التعصب والجنون والحروب، وكامل استتباعاتها الباهظة التي تتجاوز حدود الخيال.
Omaraziz105@gmail.com