وصلت الأُمور إلى نقطة اللاعودة، وما على القابعين في مربعات الوهم والأوهام إلا أن يعودوا إلى رشدهم، وأن يمتلكوا شجاعة التخلِّي الطوعي عن الأخطاء والخطايا، من أجل الوطن والشعب والمصير والمستقبل.
هذه دعوة صريحة لمن يناجزون التاريخ والجغرافيا، ممن ينتشرون في مختلف الجبهات الاستقطابية العصبوية، ويناورون على الحقائق الموضوعية القادمة من أعماق التاريخ .
هذه دعوة صادقة إلى من وقعوا في الخطيئة الكبرى .. خطيئة التعدِّي السافر على النسيج الاجتماعي اليماني المتوازن، وتدمير الدولة باسم الثورة، والتحالف مع أفسد الفاسدين وبارونات المال والحرب باسم مكافحة الفساد! .
يالها من ذرائعية شعبوية ساذجة .. كيف لي أن أتفهَّم تحالفاً ميكافيلياً براغماتياً يتخطَّى المنطق العقلي والشكلي ؟.. كيف لي أن أتفهَّم الانخراط في العملية السياسية السلمية بكل إكراهاتها ومتاعبها، فيما استمر في سياسات القضم المُتدرِّج، والعبور المغامر لكل خطوط النار المادية والمعنوية؟.. هل الحرب السافرة التي تشنها مليشيات الميتافيزيقا الظلامية المشمولة بالخطاب الديماغوجي، على المدن اليمنية العاشقة للسلم والسلام يمكن تفسيرها وتبريرها ؟.. كيف لنا أن نستوعب التضحية المجانية بآلاف الشباب الأفتياء الصغار باسم المرجعية المقدسة، والمنطق الأيديولوجي المُلْتبس بالدين السياسي، في صورته الأكثر فولكلورية وغرائبية ؟.
ما زال في الوقت مُتسع للعودة إلى الرشد والرشاد، وعلى الذين يتأبُّون على حقائق التاريخ والجغرافيا أن يناجزوا تحدي اللحظة بموقف شجاع .. التخلِّي الحُر عن ثقافة العنف المليشاوي المسلح الذي وضعنا في هذا المأزق القاتل .
ألا فليعلم القاصي والداني أن الحملة الجوية المُعلنة ما كان لها أن تكون لولا المقدمات المغامرة لمن فتحوا باباً وجداراً للأبعدين، وانخرطوا في مشروع سياسي يتدثَّر بالدين، فيما يحمل في دواخله نزعة شوفينية مقيتة.
ذلك ليس مشروعاً يمانياً، ولا يمكنه أن يكون كذلك، فتاريخ اليمن مترع بالوسطية الرائية لتعايش الأنساق والملل والنحل، وما عدا ذلك أمرٌ طارئٌ على تلك الحكمة التي ورثناها من أسلافنا الكبار.
ليتنا نتعلَّم من حكمة الإمام زيد بن علي، وعلَّامة الدهر الإمام الشافعي، وووسطية الإمام الهادي اليماني، وعقلانية عبدالله بن إباض العماني، والعلامة الكبير الإمام الشوكاني.
Omaraziz105@gmail.com