كان للحضور الأدبي في مجلس الفنان الموسيقار أحمد باقتادة مكانه في العطاء المقرون بالكلمة الغنائية، حيث انبرى المقيمون في زمن الشعر الغنائي لهذا التهادي الجميل في ربوع الألحان .. أذكر منهم هنا مثالاً لا حصراً الشعراء: أحمد بومهدي، وعبدالرحمن إبراهيم، وعبدالله الدويلة.. كما تساوق مع ذات المسار الشعراء: مبارك حسن خليفة، وعبدالله باكداده، وعبدالرحمن السقاف.. ذلك الذي حظي بلحن استثنائي في رائعته الغنائية التي استوى على رفعتها اللحنية الباقتادية الفنان أبوكر سكاريب وهو يترنَّم :
« صدفةْ التقينا .. ومرَّ الحديثُ .. على شَفَتينا .. رحيقاً وذابْ»
ذلك اللحن الشجي يُمثل محطة استثنائية في التوليفة الموسيقية المتأرجحة في مقامات التحولات السماعية الرائعة، وهي المعيار الأميز لقدرات أحمد باقتادة التأليفية اللحنية كما أستوْهِم.
كان المُنتَج الفني لباقتادة يومئذٍ مشروعاً مستقبلياً لغنائية مُدوْزنة بأجنحة المقامات اللَّحنية، ومموْسقة بتنويعات الطرب الشجي، ومُثابرة على دروب التجديد اللافت، حتى أن البعض اعتبر تلك المصفوفة اللحنية ضرباً من التغريب والتحليق خارج السرب الغنائي المعروف والمألوف، والحقيقة أن بعض هذا النفر كان صادقاً في رأيه الصادر عن حُسن نية مشروعة، عطفاً على قوة العادة، غير أن البعض الآخر كان مُغرضاً حدّّ التجنِّي، وقد تتبعتُ شخصياً بعض تلك التجديفات المُفارقة لجوهر الفن ومساراته الطبيعية، وكنت على يقين داخلي بأننا إزاء فنان يمني مُجدد ومُمْسك بالقوالب الجمالية والموسيقية لألحانه المنسابة بنعومة الموسيقى، والمتداعية مع التعبير الشعري الغنائي، والسهلة الممتنعة حد الفيض الفائض.
Omaraziz105@gmail.com