أثبتت الأيام والسنون أن لا قوة ولا عزة للعرب إلا بوحدة موقفهم ووحدة رؤاهم إزاء مصالحهم، وكذا مواقفهم وعلاقاتهم مع بقية دول العالم، فموقفهم الموحد والصلب يعطيهم القوة والاحترام، دون ذلك فهم لا يمثلون شيئاً بالرغم مما يمتلكون من قوة اقتصادية وبشرية وموقع استراتيجي جعلهم يمتلكون أهم المنافذ البحرية كقناة السويس وباب المندب وغيرها من المنافذ والممرات المائية التي تتحكّم في التجارة العالمية.
واقع العرب اليوم من خلال المعطيات القائمة ضعيف جداً ليس له وزن في العلاقات الدولية وأصبح العرب من خلالها مهمشين في السياسة الدولية وأصبح الآخرون لا يحسبون لهم أي حساب بالرغم من امتلاكهم لأسباب القوة إلا أن ضعفهم يكمن في تشرذمهم وتمزّقهم وأصبحنا كعرب نتسابق ونركض صوب الغرب وتحديداً صوب الولايات المتحدة لكسب رضاها على حساب أهدافنا ومصالحنا القومية والقطرية، لا يهم ذلك طالما والبعض يريد قهر البعض الآخر ولو كان ذلك على حساب المصلحة الوطنية والقومية هذا ما سار وما زال يسير عليه قادتنا وزعماؤنا بل ومعظم النخب والمكونات في مجتمعنا العربي، كل هذا التوجه المغلوط جعلنا نظهر ضعافاً لا إرادة لنا ولا قوة مما مكّن قوى الهيمنة في هذا العالم المضطرب أن تستفرد بنا كلٌّ على حده و مما سهل لها كثيراً ابتلاعنا بغرض سياساتها الاقتصادية وحتى الأمنية وبما تتعارض مع مصالحنا وأهدافنا وما يؤكد هذا التشرذم والتمزق المريع هو ما نشاهده وما نلمسه من قتل واقتتال في أكثر من بلدٍ عربي دمرت فيه كل البنى التحتية بل دمرت كل مقومات الدولة وأصبحت هذه البلدان مسرحاً خفياً للعصابات المسلحة التي أصبحت اليوم تتحكّم في المشهد العربي فماذا نسمي ما يدور في سوريا والعراق وليبيا واليمن وأخرى من بلاد العرب؟.. أليس هذا هو الجنون وتدمير لقدراتنا العربية؟، ومن يحمل معول الهدم والتدمير هم أبناء هذه الأقطار العربية وإن كان ذلك بوعي أو دون وعي فكل ذلك خدمة لأعداء أماني وطموحات الأمة العربية.
ولا نستبعد أن من يغذّي لك هم من نلجأ إليهم ونتسابق لكسب ودهم، لأنهم يريدون أن تدور عجلة مصانع السلاح لديهم من أجل خدمة اقتصادهم والعمل على استنزاف المليارات العربية المكدّسة في بنوك أمريكا وأوروبا والتي كان الأجدر بالعرب وبأصحاب المليارات تحديداً استثمار هذه الأموال الضخمة في الوطن العربي استثمارها في الزراعة والصناعة وغيرها من مشاريع البنى التحتية، إلا أن الأنانية المفرطة طغت على هؤلاء مع تأكيدنا ْلى أنه لو استُثمرت هذه المليارات من الدولارات في البلاد العربية لما كان هناك جائع ولما كان هناك عاطل ولبلغت الأمة العربية مجدها الاقتصادي، لذا أقول: إن على الدول الغنية في العالم العربي أن تعيد حساباتها جيداً لتصل إلى قناعة بأن الاستثمار في البلاد العربية هو أكثر جدوى وفائدة وأكثر أمناً للأموال المستثمرة، ومن العيب أن نرى الملايين من العرب يعانون من الجوع والبطالة. بينما بعضهم الآخر يكدّسها في بنوك الآخرين، اللهم أهدهم إلى ما فيه مصلحتهم ومصلحة إخوانهم.