حذّر الناطق الرسمي باسم "الحوثيين" من مغبة تدخُّل الجيش، على إثر قصف للطيران الحربي اليمني مواقع خاصة بالمسلّحين الحوثيين، ألا يخلو الأمر من تداعيات عجيبة..؟!.
الحوثي يريد أن يقاتل الجيش أو لواء في عمران، ولا يريد الجيش التدخُّل، هو يرسل مقاتليه من صعدة ويدفع بكل ثقله من أجل إسقاط مدينة عمران في طريق يعبرها لإسقاط الدولة.
الحوثي لا يريد من الدولة أن تدافع عن نفسها، بل يتحدّث كما لو كان يوجّه خطابه إلى كيان آخر، ثم يشير إلى مطالب أبناء عمران، تلك الشمّاعة التي يعلّق عليها طموحه؛ ذلك الطموح الذي يئز كذباب حول جمنة عسل جافة..!!.
المشهد الدموي ليس "كاريكاتورياً" لكنه في لسان محمد عبدالسلام يثير السخرية السوداء، إنه يرسل تهديدات الجماعة ويتحدّث عن حرب سيدافعون بها عن أنفسهم بكل ما أوتوا من قوة؛ لكن في الوقت إياه هم الذين يهاجمون وينثرون الدماء، هم من ينكشون مصادر الموت وكأنها طريقتهم الوحيدة في التعبير عن الواقع اليمني.
هناك نوع من التبجُّح لدى الحوثيين ربما يتفوّقون به عن غيرهم؛ هناك نوع من التصرُّف الأرعن، أتذكّر مقولة لصديق أنه يرى غرورهم هو سبيلٌ للهلاك، لنرى ما يقوله الناطق الذي يكاد أن يكون لساناً مستعارة، لسان تقول ما يُملى عليها، لسان لا وجود لها إلا فيما تُلقّن مثل كل تلك الجماعات المؤمنة التي تربّي أبناءها على الطاعة العمياء، ومنها تجد فيهم باروداً قابلاً للحريق والاشتعال لما يرضي مطامح أصحابها،ماذا يقول..؟!: «هناك طريقة عجيبة، وكأنه يخاطب حمقى؛ هل يرى أولئك إلى اليمنيين كمجموعة من الحمقى على الأقل..؟! هذا ما اعتاد أن يتعامل مع أتباعه أو أنصاره، تحويل مجاميع بشرية إلى قطيع تسوقه للحروب والموت، هو أمر لا يثير البشاشة».
يتحدّث الناطق الحوثي، اللسان المستعار عن مطالب أبناء عمران «مطالب يستخدمها كشماعة للفوضى» مطالبه هو من أجل إسقاط المدينة، ويقول بدلاً من أن تتجاوب الدولة مع تلك المطالب تستخدم نفس الآليات.
لكن من يقاتل الحوثيين..؟! ليخبرنا اللسان المستعار، بصرف النظر عن اسم القائد العسكري؛ هل يقاتلون كائنات فضائية يمثّلها "القشيبي" هناك..؟! بقدر حماقتنا نتصرّف على أن الآخرين حمقى، والأكثر ذكاءً هو من يضع في تصوّره أذكياء يخاطبهم، الأحمق دائماً يرى أولئك الأكثر حماقة حتى لو كان بعضهم يرتدون بنطلونات "جينز" ويسوقون ألفاظاً يسارية كطابور خامل في صباحات سوداء..!!.
دعونا لا نلقي خطابة في حماقة جماعات السلاح، في منهجها المتصلّب بالظمأ الذي ترويه فوهات البارود، فاللسان المستعار يؤكد أنهم لن يستقبلوا الجيش بالورود وكأنهم جماعات جاءت عمران تحمل الورود وليس البارود.
كانت اليمن متخمة بحمقى يشبعون مشهدها السياسي؛ لكنها مع ذلك قابلة لتتسع حمقى آخرين، مشكلة الحوثي هي أنه لا يرى سوى نفسه وطموحه، عندما نال انتصارات خاطفة وسريعة، اعتقد أن الأبواب ستُفتح على مصاريعها لتوسُّعه، لم يكن يرى للثقل الذي يحمله فوق كتفه بما أنه متعجّل، وألقى نفسه في واجهة النيران المضرمة.
كانت مصلحته تكمن في بقائه مترصّداً بينما الآخرون يتصارعون؛ لكنه وجد نفس محصّلة لسباق تصارع من أجل خطف الدولة، وفي الوقت نفسه ألقى بنفسه في واجهة صراع يحرّكه لاعبون كثيرون، ومن الخراقة الاعتقاد أن لعبة كتلك تتحوّل الواجهة وقوداً لها، ولا يتطوّر وجوده خارج هذه الدائرة إلا إذا كان حاسماً وقاطعاً ويمتلك كل أدوات الحسم الممكن، فهل يمتلكها الحوثي..؟!.
لكن أهم ما جاء في بيان الحوثي أو في خطاب لسانه المستعارة، هو في إشارته للعودة إلى ما قبل الثورة ومؤتمر الحوار؛ وكأنه لا يمثّل أحد العوائق المهمّة لخروج اليمن من معمعة الفوضى والحروب.
في كل ذلك المستنقع الأسود للموت الذي تبعثه حرب عمران منذ أيام؛ وجدت أيضاً ما يضحكني في دعوته أن البلد لا يحتمل مزيداً من الحروب والدمار، وكأنه ليس مهمازاً في درب الحروب، وكأن ما يفعله هو صلاة الوثنيين؛ إذ أن النيران الموقدة هي مشاعل البخور.
في الحقيقة كثيرون منّا يميلون إلى تغيير تلك القيادات العسكرية التي تمثّل البقعة السوداء للنظام القديم، مع ذلك سأكون معارضاً أن يتم إقصاء قائد عسكري تحت ضغط ميليشيا متمرّدة تمارس العجرفة بآيات الله، على الدولة أن تخضع للاحتجاج السياسي وليس لعنف ميليشيات دينية أو قبلية..!!.
g-odaini@hotmail.com