في ليلة الجمعة الماضية استيقظت في الثانية بعد منتصف الليل واستمعت على غير عادة إلى أخبار الثانية من الجزيرة ففاجأتني أخبار متتالية عن اليمن أبرزها مصادرة جهاز البث من مقر الجزيرة في صنعاء من قبل وزارة الأعلام .. ثم أعقب الخبر خبر خروج آلاف ( هكذا ) آلاف من المعتصمين أو المحتجين أو المتضامنين في عدد من المدن اليمنية وسقوط قتلى وجرحى وذكر فيها صنعاء وتعز والحديدة .. بالإضافة إلى الضالع وأبين كالعادة..
****
الواقع أن التقرير الذي ظل يعدل بين الساعة والساعة مع كل نشرة من الجزيرة قد خلق عندي هاجسا أن القيامة قد قامت في بلادنا أو توشك أن تقوم شأن كل الهواجس التي يخلقها الأعلام حينما يريد أن يوظف نفسه لمأرب أو غاية أيا كانت هذه الغاية رفيعة أو وضيعة ..
****
قطر ذات يوم حاكمت أحد العاملين في قناة الجزيرة بتهمة تسريب معلومات إلى المخابرات الأردنية وتابعنا بعض وقائع المحاكمة ولشدما كانت دهشتنا حينما صدر حكما قضائيا يقضي بإعدام ذلك العامل المسكين الذي لم يعمل في جهاز أمن الدولة هناك ولا كان عميدا في الجيش ولا الشرطة .. وإنما مجرد موظف صغير في قناة الجزيرة .. والأكثر إدهاشا حين صدر الحكم نقل لنا بالصورة والصوت حال المسكين وهو يستمع إلى الحكم فيدخل في إغماءة و يخر مغشيا عليه في نفس اللحظة ذلك لا شك حق لجزيرة الجزيرة ولكن مصادرة جهاز دخل بغير مشروعية يستوجب النواح حتى من أحزاب اللقاء المشترك الحريصة على القيم الصحفية في اليمن !! ..
****
تصر الجزيرة على حياديتها في التغطية .. وهي تكرر المشاهد التي مضت وانقضت وتحول المئات من البشر إلى آلاف والآلاف إلى عشرات الألوف .. وتمر على التناقضات التي يشهدها الجمع المعادي للوحدة والمتنكر لقيم الإيمان والعروبة وحتى الرجولة تمر على ذلك مر الكرام خصوصا بعد أن دخلت في مواجهتها مع اليمن ممثلة بسلطان دولتها الذي لم تتوقع منه أن تصادر عليها جهاز بث دخل كما تقول الوزارة بطريقة غير مشروعة ..
فهي تصف الوضع بأنه دمل انتفخ ويوشك على الانفجار !! هكذا . وحين تسمع التقارير الجزيرية تحس أن هناك معركة غير متكافئة بين القناة التي سيطرت على مساحة الإعلام الدولي كله ووزارة الإعلام التي لم تستطع حتى أن توصل صوتها إلى مدير القناة في صنعاء لينقل السبب المباشر ـ لرؤسائه في الدوحة ـ لمصادرة الجهاز الذي صودر مع جهاز آخر لقناة العربية كما يقول ناطق باسم الوزارة وأنهما كممثلين للجزيرة والعربية قد دعيا وصورحا بذلك فقبل الأستاذ حمود منصر وعربيته وتمرد أصحاب الجزيرة ..وأحالوا الربيع فصل شتاء كعادتهم في مناسبات كهذه ..
****
المهم أن الجزيرة وغيرها من القنوات إذا أرادت أن تستأسد استاسدت وإذا أرادت غير ذلك تفعل .. ومع هذا نقول إن المهنية تقتضي الورع في التعامل مع قضايا كهذه والأصل أن يكون موظفو القناة محايدين وليسوا من أحزاب المعارضة أو من أحزاب السلطة أيضا .. وهذا مالم نجده في الجزيرة على وجه التحديد.. فهل تعيد الجزيرة النظر في مسلكها وتنقل معارضي السلطة إلى العراق وتأتي بموظفين من السودان مثلا بحيث لا تفقد مصداقيتها مع أكثر من عشرين مليون يمني وليس مع الآلاف الذين تغطي فعالياتهم المقيتة وقتلهم الناس على الهوية ومهرجاناتهم التي لم يتفق عليها حتى قياديوهم .. نأمل أن تفعل ذلك قيادة الجزيرة اليوم قبل الغد .