|
|
|
|
|
متى يعتبر أبو جهل الزمان؟!!
بقلم/ إستاذ/عبدالجبار سعد
نشر منذ: 13 سنة و 4 أشهر و 24 يوماً الإثنين 27 يونيو-حزيران 2011 06:20 م
أبو جهل الأمس وهو في طريقه إلى موقعة بدر مع قريش لقتال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، عرض عليهم أحد شيوخ العرب النصرة قائلاً:
إن أحببتم أن نمدكم بسلاح ورجال فعلنا.
فرد عليه أبو جهل بعد أن أثنى عليه وشكره قائلا له:
قد قضيت الذي عليك و لعمري لئن كنا إنما نقاتل الناس فما بنا من ضعف عنهم، ولئن كنا إنما نقاتل الله، كما يزعم محمد، فما لأحد بالله من طاقة!!.
وحين دنت نهايته بعد أن أصيب في بدر ورأى الملائكة تهبط وتصعد لتنصر الرسول والصحابة قال قولته الشهيرة:
بخٍ بخٍ يا قريش قاتلتم أهل السماء وأهل الأرض.
****
أبو جهل زماننا ليس في أية درجة من درجات الحكمة والاعتبار كأبي جهل الأمس..
أبو جهل الزمان رأى الجموع الهادرة تندد بالظلم والمفاسد الذي هو جزء منها، فانطلق في مقدمتها كي تكون له الحظوة فيها والقيادة، وبدأ يرفع شعار "إسقاط النظام" الذي رئيسه خصمه، وبدأ يلعن ويشتم ويهدد ويتوعد من لا يوافقه، ويقتل ويقطع الألسن، ويحرق البشر ويمثل بهم، متجاوزاً كل معايير الخلق والفضيلة والدين، وفي وقت كان يظن أن الناس سيفرون من أمام زحفه وتهديداته ودمويته، رأى جموعاً هادرة تنطلق من كل مكان لتنصر الله ورسوله وولي أمر المسلمين الذي هو خصمه وتعلن رفضها له ولجمعه.. فلم يعتبر.
****
أبو جهل الزمان قام بقطع إمدادات النفط والغاز والكهرباء ليدفع الناس للثورة ضد حاكمهم ليسقطوه، فرأى الناس يصطفون في طوابير ينتظرون الساعات والليالي والأيام ليحصلوا على أنبوبة غاز وبعض ليترات من النفط بصبر وتحد وعناد، ويلعنون من فعل ذلك بهم ويدعون الله لحاكمهم ولأنفسهم بالنصر على أبي جهل وجمعه.. فلم يعتبر.
أبو جهل زماننا.. أغرى حملة عرش الحاكم بالانقلاب عليه فانقلب عليه العسكريون والمدنيون والأحبار والمشائخ والتجار والمترفون والمقربون والمبعدون، وأصدروا البيانات تنديداً به، ودبجوا الفتاوى لعصيانه والخروج عليه، وحرفوا الكلم عن مواضعه، فلم يزد شعبه إلا إصراراً على نصرته، وفي وقت طمع فيه بسقوط نظامه بعد انفضاضهم عنه رأى الملايين تضع له عرشا أقوى وأمتن من عروش المفسدين الذين غادروه وخذلوه.. فلم يعتبر..
****
أبو جهل الزمان استعان بالأعراب وقوى الكفر العالمي، وأشاع الكذب والترويع والفحش، وفجّر حروباً في العاصمة وفي شتى المدن، وقتل الجند والناس ودمّر المنشآت، ونهب كل شيء فيها، ودمر الشوارع، وأسقط مدنا وعواصم محافظات، فرأى الناس تمقته وتقف بكل قواها ضد مكره ورأى حتى المقربين منه ينفضون عنه، فلم يعتبر.
أبو جهل الزمان ألقى آخر ما في جعبته حين عمد إلى اغتيال الحاكم ورؤوس النظام، واستعان بكل ما عند قوى الكفر والأعراب من مال وتقنية وأجهزة رصد وغدر ودمار شامل، وألقى بها إلى بيت الله في لحظة وقوف بين يدي الله وفي شهر حرمه الله، فتلقفت العناية الإلهية ضحايا مكره وأبطلت كيده وغدره وأخرجت خصمه وأركان حكمه سالمين إلا من اختاره فلم يعتبر..
****
أبو جهل الزمان لا يزال يعد بموت ثالث ورابع لخصمه، تم تصميمه بأرذل مطابخ الجريمة الأعرابية والعالمية.. وشهرزاد قبل أن تدرك الصباح فتسكت عن الكلام المباح، تقول له:
وبلغني يا أبا جهل الزمان أن المتنبي قال في إحدى قصائده هذه الأبيات تشرح حالاً مثل حالك مع خصمك في بلاد الحكمة والإيمان، حين بلغه أنه قد أشيع موته في مجلسه فقال:
يا من نعيت على بعدٍ بمجلسه ** كلّ بما زعم الناعون مرتهن
كم قد قتلت وكم قد متُّ عندهمو ** ثم انتفضت فزال القبر والكفن
قد كان شاهد موتي قبل قولهمو** جماعة ثم ماتوا قبل مـن دفنوا
ما كل ما يتمنى المرء يدركه ** تأتي الرياح بما لا تشتـهي السفن
فمتى يعتبر أبو جهل الزمان يا ترى؟!!.
|
|
|
|
|
|
|
|