نبحر بكم ـ أيها الأعزاء ـ إلى نوع من المساجلات هي الأكثر طرافة، والأغزر عمقاً في اختبار قريحة الشعراء وسرعة بديهتهم في (البدع والجواب) ومنها أن يقول البادع شطر البيت الأول فيكمله المجيب بنفس الوزن والقافية التي تتشكل من ذاتها في الشطر الثاني، فيبنون مساجلتهم عليها وقد أورد مثالاً على هذا اللون الدكتور عبد العزيز الصيغ في كتابه عن الشاعر(أحمد بكير) وسماها بالمساجلة الفريدة.
وقد دارت بين الشعراء أحمد بكير، و سالم عبود با نبوع، و محفوظ علي باسويد، وسعيد ناصر بن حيمد في منتصف أربعينيات القرن الماضي وإليكم نصها:
بانبوع: قل دان يا ذا المغني شل صوتك عجل
بكير: هاجس معي يشبه الباروت لي هو خفيف
باسويد: حيا بأبيات خلتنا مكاني رقل
بن حيمد: من عند شعار معهم نهر يصلف صليف
بانبوع: ظهروا دلل في المكلا في البضايع تدل
بكير: في بيع وشراء دهب ما هو لخم أو وزيف
باسويد: نحن دخلناك لا يا حصــــن ما تندخل
بن حيمد: وجبت لك بن غرامه هو ويا بن عفيف
با نبوع: غشيم انته حسبته من بغى شيء يشل
بكير: قِدِّر وقايس وخل السخف لا يا سخيف
باسويد: رويد عاده حمول الشب با ينزقل
بن حيمد: وبا يدور الوفاء في صاحبك بن منيف
با نبوع: يا ولد حيمد ترَّيض لا تقع لي زعل
بكيـر: حيد النويمه طويل الماح عالي نويف
باسويد: كل ما تشوفه عكِل عندي نشوفه سهل
بن حيمد: معنا جمل با يشل المثقلة والخفيف
با نبوع: الديني ما بغيته في المكلا يحل
بكير: ولا بغيته يقع شارح لنا عا الخريف
باسويد: الأرض حقه ألا يا ذا الهبل والحيل
بن حيمد: ما تسمع الفاس في نخل الخبة ديف ديف؟
با نبوع : قولوا لسالم وقف حدَّك وحذرك تزل
بكير: لا تقطعوا الباكرة حفظوا كربها وليف
باسويد: عا خرفة الباكرة يا بكير بطني تكل
بن حيمد: عند جزِها بايقع ما ذا السنه يا لطيف
بانبوع: أنته حسبته طلوع النخل با يقـع بتل
بكير: تبغى نشارى شديد البأس عاقل حريف
باسويد: يا بحر طامي طلع يا حيد عالي نزل
بن حيمد: عا شاطي البحــر مدينا حبال الجريف
با نبوع: وعاد واحد يطرِّب وأبصل وابصل
بكير: من موجة البحر لي تكسر على كل سيف
باسويد: لا أنت بغيت الجمالة من ثبانك بذل
بن حيمد: لأن الدراهم تخلي الخصم يرجع حليف
بانبوع: مول الخريبه يطرُّب عا الذي في الحجل
بكير: ويقول كالي تعالوا قد حوى عا الجريف
ومثل هذه المساجلة الطريفة نادرة في الشعر الشعبي نظراً لصعوبة إتيان الشاعر بشطر بيت لا يتكهن بما سيقوله الشاعر الآخر في رده عليه.