يبدو أن الدول العشر المعنية مباشرة بالملف اليمني قد توصلت في ضوء تقويمها لمسار الاوضاع في هذا البلد الى اقتناع بأن آليات الوفاق التي انتهت اليها النخب اليمنية في مؤتمر الحوار لايواكبها وفاق على ارض الواقع، وان الانتقال الى واقع الاستقرار مازال يصطدم بأفق مسدود ان لم يكن محكم الانسداد وهو ما شعرت معه هذه الدول بخطورة استمرار هذا الانسداد ليس على الاستقرار في اليمن فحسب وانما على الامن والسلم في شبه الجزيرة العربية حيث وان انهيار اليمن من شأنه ان يطال بتداعياته منطقة الخليج باسرها.
ولذلك فما يقف على المحك اليوم بالنسبة للدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية هو ممارسة المزيد من الضغط على جميع الاطراف لدفعها الى تنفيذ ما تم التوافق عليه في مؤتمر الحوار الوطني بشأن انهاء ظاهرة الجماعات المسلحة ونزع واستعادة جميع الاسلحة الثقيلة والمتوسطة من هذه الجماعات، وللوصول الى هذا الهدف فقد دعا سفراء الدول العشر مطلع الاسبوع الجاري كافة الاطراف غير النظامية الى الالتزام بشكل صريح وواضح بنزع السلاح وتسليمه للدولة بشكل متزامن حتى لاتكون هناك جيوش موازية لجيش الدولة او جماعات مسلحة تكون دولة داخل الدولة.
واللافت للنظر في هذا الامر ان الدول العشر والتي سبق لها أن حذرت الاطراف السياسية من ان المجتمع الدولي لن يسمح بعرقلة الجهود المبذولة لاستكمال عملية الانتقال الآمن الى الدولة الاتحادية الجديدة التي ستتشكل من ستة اقاليم هي من ظلت تتعامل مع الاحداث الجارية في محافظة عمران رغم تأثيراتها البالغة على العملية السياسية بمنطق يغلب عليه الضبابية رغم إدراكها ان خروج المزيد من المناطق عن سيطرة الدولة سيجعل من سلطاتها تتآكل وتزداد وهناً وضعفاً.
ولاريب ان اليمن يعاني من مشكلتين محوريتين: الحرب التي تشنها اليوم جماعة الحوثي ضد خصومها القبليين والقوى المحسوبة على حزب الاصلاح الاسلامي في شمال البلاد وكذا المواجهات التي تخوضها الدولة مع تنظيم القاعدة الذي صار حضوره وقوته في اليمن ظاهرين ومتبديين في المواجهات الاخيرة مع الجيش وبوجود هاتين المشكلتين يغدو من الصعب انهاء ظاهرة الجماعات المسلحة فالحوثيون مثلاً والذين يقومون بتصعيد الاوضاع الامنية في محافظة عمران وبعض المناطق القريبة من العاصمة صنعاء في محاولة منهم للسيطرة عليها بشكل كامل هم من يرفضون تسليم اسلحتهم بمبرر انه لاوجود لدولة قوية في الوقت الراهن قادرة على بسط نفوذها وسيطرتها ووقف اعمال العنف مع ان الحقيقة ان سلاح الحوثي صار مرتبطاً بأجندات هذه الجماعة التي ولا شك انها على صلة وثيقة بأجندات خارجية تدعمها دول وتنظيمات وبالتالي فان التوصل الى التسوية مع الحوثيين والحد من انشطة تنظيم القاعدة سيبقى من القضايا المؤجلة الى ان تتمكن الدولة من معالجة القضايا الاوسع المتصلة بالاستقرار السياسي والاجتماعي.
حتى الان يبدو ان معركة المجتمع الدولي في اليمن تتركز في الحد من انشطة تنظيم القاعدة وليس على حل مشاكل هذا البلد والتي تشكل السبب الرئيسي وراء انتشار تنظيم القاعدة على اراضيه والاكيد ان احتواء تنظيم القاعدة سيبقى مرهونا بتدخل المجتمع الدولي ووقوفه الى جانب اليمن ومساعدته على تجاوز أزماته المستفحلة ومن ذلك الضغط على الجماعات المسلحة التي باتت على وشك الافلات من تحت سيطرة الدولة ودفعها الى تكييف اوضاعها وفق الاسس والقواعد التي توافق عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار.