نحن العرب لدينا عُقدة نقص، هذه العُقدة نشأت بسبب الوضع المزري الذي نعيشه من كافة النواحي سواء الاقتصادية أم السياسية أو الثقافية وحتى الرياضية.
ولذا عندما تأهّل منتخب الجزائر إلى دور الـ16في مونديال كأس العالم لكرة القدم وأصبح الممثّل الوحيد للعالم العربي؛ تعلّقت قلوبنا وآمالنا بفوزه بالرغم من أن عقولنا كانت تقول لنا شيئاً آخر؛ وذلك لأن المنطق يقول إن فريقاً لم تتوافر له الإمكانات الجسدية أو التدريبية كفريق المنتخب الجزائري لا يمكن أن يغلب فريقاً بطولياً تم الاستثمار فيه على مدى عقود؛ بل تلعب الجينات والعامل الوراثي دوراً في صالحه، وهو فريق ألمانيا.
ولذا في بداية الأمر لم أكترث للمباراة؛ مقتنعة أنه لا توجد فرصة للمنتخب العربي أمام ألمانيا العظيمة؛ ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، وجدنا أنفسنا في الدقيقة الخمسين من المباراة وشبكة الفريق الجزائري نظيفة من الأهداف، بل إنه كان يقاتل بشراسة ويرد على الهجوم بهجوم أشرس.
تعلّقت قلوبنا بهذا الفريق العربي الذي شعرنا أن فوزه انتصار للعرب والمسلمين، وهكذا تحوّلت مباراة كرة قدم في كأس العالم 2014م إلى قضية مصيرية للأمة العربية والإسلامية، ودخلت فيها مشاعر مختلفة بين الرغبة في الانتقام ورد الاعتبار والأمل في الظهور بمظهر القوي أمام العالم؛ كأن فوز المنتخب الجزائري سيصلح كل شيء، وسيعيد الكهرباء ويحرّر فلسطين وينهض بالأمة العربية والإسلامية؛ خاصة أن مدرّب الفريق الجزائري مسلم وهو البوسني وحيد خليلودزريتش، وبدأنا نتذكّر الفتوحات الإسلامية في رمضان و«كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة»... إلخ وأخذنا نصلّي وندعو..!!.
وبالفعل، أدّى المنتخب الجزائري أداءً رائعاً واستمر في حماية مرماه حتى انتهاء الشوطين الأساسيين، وكنّا بين مصدّق ومكذّب؛ إلى أن سجّل الألماني اندرى شورلي الهدف الحاسم في المبارة في الشوط الإضافي الأول، وأعقبه مسعود أوزيل بالهدف الثاني، وهنا انهارت النفسيات وتراجعت المعنويات وتذكّرنا واقعنا المرير؛ وكيف أن العرب والمسلمين لم يخرجوا بعد من حضيض العالمين.
وبالرغم من ذلك استمرّ المنتخب الجزائري يلعب ببسالة وإن بدت بوضوح علامات الإرهاق الشديد على اللاعبين، ولكن لم يفقدوا الأمل، وفي آخر لحظة سدّد اللاعب الجزائري عبدالمؤمن جابو الهدف الأول والأخير لمنتخبه أمام ألمانيا ليقول للعالم ألا يستهينوا به أو بفريقه.
هناك مبارايات أقوى وأجمل؛ وقد رأينا كيف يكون الحماس عندما يلتقي الجبابرة من أبطال كرة القدم في الملعب، ولكن الحقيقة هي أن هذه المباراة بالنسبة لي كانت مباراة اسطورية؛ لأنها كانت غير متوقّعة بالذات أن الفريق الألماني احتاج 25 تسديدة قبل أن يسجّل هدفه الأول.
حتى الفريق والإعلام الألماني أشادوا بلعب الجزائريين، واختارت «الفيفا» الحارس الجزائري "رايس مبولحي" نجماً للقاء بسبب انضباطه الشديد ومهاراته العالية.
خلاصة القول: إن منتخب الجزائر الذي خسر 3 مرّات فقط في آخر 16 مباراة رسمية أعاد إليّ الأمل، لا مانع عندي أن تبدأ البطولات العربية في الرياضة، وهذا الفريق يستحق كل التقدير والدعم لعلّه يفتح الطريق لبطولات أخرى تُفكِّك عُقد النقص لدينا تدريجياً.
yteditor@gmail.com