صار الشعب أكثر حصاراً بين الإحباط والتغفيل وتشوش الأفق، بينما أصبح المشهد مكثفاً بين تضحيات جسيمة للشعب وحماقات في أداءات الدولة، إضافة إلى انتهاز عديد فرص ذرائعية من قبل مشاريع متربصة بكل حلم وطني يمني جامع وسوي.
على أنها تداعيات الشلل السياسي والفراغ الأمني والفساد الاقتصادي، تدأب على استغلالها مشاريع – ذات أجندات تجري حالياً في المنطقة - لفرض إرادتها التي لا أخطر منها في المقابل.
والحال أن كل مشروع متخلّف مثل كل مشروع انتهازي؛ لا يهمهما أن يقودا إلى انهيارات الدولة وتضييق الخيارات والممكنات التصحيحية، كما لا يعنيهما تفاقم الاضطراب العام والتدهور العام كذلك.
بل يبدو مؤكداً في المحصلة أن سوءات المشهد العام ستزداد اضطراماً جرّاء الرهانات الفوضوية واللا مسؤولة التي تعمل على تجريف الانتخابات بشكل متعمد خبيث، بينما ستكون نتائجه شديدة الفداحة كما تشير أبسط الدلائل.
لكن الأنكى بالطبع يتمثّل في عدم قيام أي كيان في هذا المشهد المعقّد ولو بأبسط مراجعات موضوعية وحيوية يمكنها أن تنجّي الدولة من الغرق وتحمي وحدة المجتمع ومكتسبات الأمة.
فما يحدث ليس إلا التهافت الرهيب لخيانة الضمير الوطني الجامع من خلال تعزيز البلاهة والحماقة في أداءات النُخب الحاكمة إضافة إلى دأب إرهاب مشاريع الميليشيات والطموحات الطائفية والمناطقية على تكريس أجنداتها المأزومة والعنيفة، بما يقود إلى استلاب الشعب وتدمير الدولة تكليلاً لمرحلة الخراب المجلجل.
وإذ يريد الماضي الشنيع أن يكون هو المستقبل لا أقل ولا أكثر، نبدو الآن في مرحلة الوجوم الفظيع نظراً لشروط الحاضر المتذبذب الإرادة والشديد العجز عن فرض شروط حلم الوطنيين الجامع كما لإنقاذ ما تبقّى من الدولة، ورد الاعتبار إلى تضحيات الشعب من أجل المواطنة والمدنية والتقدُّم عبر الحفاظ على الدولة وتطويرها لتكون الضامنة لإنفاذ القوانين التي تصون الجميع وتحميهم من بعضهم، دولة وطنية قوية ضامنة للحريات والحقوق والعدالة والمساواة والديمقراطية ومكافحة الفساد وتقوية الجيش وازدهار الاقتصاد واستقرار الأمن والسلم الأهلي.
رغم ذلك مازالت الفرصة تاريخية ـ يا هؤلاء ـ لإعادة ترتيـــب الأوضاع واستشعار المسؤولية الكاملة بما يصب في مصلحة الوطن ككل.
fathi_nasr@hotmail.com