عندما نستعيد التاريخ القريب لليمين الأمريكي المأفون بثقافة الحرب؛ نكتشف دون أدنى ريب مدى إقامة هذا اليمين المتوحّش فيما تآلف معه ومازال يعتبره قدس أقداس سياساته وسبباً حاسماً لنجاحاته الواهمة.
ومن الخطأ الاعتقاد أن تلك الثقافة وقفت عند حدود الخارج الأمريكي، حيث الساحات الواسعة لمبارزات اليمين وحروبه الكونية الدائمة، بل إن الولايات المتحدة ذاتها تعاني الأمرّين من تلك السياسات القاتلة، فالولايات المتحدة نشأت تاريخياً ضمن ثقافة استباحة مؤكّدة للسكان الأصليين، وكانت حروب التوسُّع تشن تحت ذرائع ومبرّرات أبرزها أن الهنود الحمر يرفضون ثمار الحضارة، ويصرّون على البقاء في نمط الحياة التي تعوّدوا عليها.
بالمقابل جاءت موجة الاستباحة الأكثر قسوة للزنوج، ثم توالت متوالية المنطق النيتشوي الذي تحوّل تباعاً إلى ثقافة سياسية وأيديولوجية ظهرت نتائجها الأكثر جهامة في سلسلة الاغتيالات السياسية الداخلية الموجّهة ضد كل رافضي سياسات الحرب والقسوة، وفي مقدّمتهم الرئيس الأسبق جون كندي والداعية السلمي مارتن لوثر.
مازالت الولايات المتحدة تعيد إنتاج تلك الثقافة المخرسنة لاحتضان مؤسّسي يهدّد بالقتل كل من يخرج عنها، ومازالت ديمقراطية الوول استريت والبنتاغون ووكالات الاستخبارات العاتية ترفض كل دعوة لتغيير هذا المنطق الخطير في إدارة الولايات المتحدة، والرمي بأثقال باهظة الثمن على العالم.
الولايات المتحدة نموذج أقصى للإدارة بمنطق الحرب الدائمة، والاعتداد بقانون التدمير باعتباره المدخل للبناء الجديد، لكن ذلك يواجه رفضاً ومقاومة عنيدة من قبل دوائر أمريكية أخرى تريد إعادة الأمور إلى نصابها.
والمستقبل كفيل بإظهار ما يمكن أن يفعله المصلحون المسالمون الباحثون عن حكمة الأرض والسماء.
Omaraziz105@gmail.com