يهلُّ علينا عيد الأضحى لهذا العام ونحن في أسوأ أحوالنا الاقتصادية والأمنية والاجتماعية جرّاء الظروف والأحداث التي طفت وخيّمت على سماء بلادنا، فما عاشته صنعاء خلال الفترة المنصرمة جعلنا نضع أيدينا على قلوبنا خوفاً مما قد تؤول إليه الأحداث والتطوّرات وحدث ما حدث؛ إلا أن الله ـ جلّت قدرته ـ قد كانت مع إرادة الشعب اليمني الذي عانى ولايزال يعاني الكثير من المتاعب والمصاعب المعيشية والحياتية اليومية، كانت إرادة الله مع إرادة هذا الشعب الذي لا يريد إلا السلم والسلام، شعب ينبذ العنف والاقتتال يطمح بأن يعيش كما تعيش كل شعوب الأرض في أمن واستقرار وعيش كريم.
وحديث رسولنا الكريم محمد صلّى الله عليه وسلّم قد تجسّد في شعبنا من الحكمة التي أظهرها في كل الأحداث التي مرّت به منذ ثورة الـ26 من سبتمبر وحتى الأحداث الأخيرة في صنعاء، لقد تجلّت حكمة شعبنا بعدم انجراره إلى الفتنة التي كان يُراد له فيها ليقتتل فيما بينه وهذا كان مخطّطاً مدروساً من قبل قوى خارجية أرادت الزج بالشعب اليمني في فتنة طائفية ومذهبية لا يستطيع الخروج منها ولا بعد عقود من الزمن نظراً للتركيبة الاجتماعية وانتشار السلاح في كل أرجاء البلاد، إلا أن العقلاء في هذا الشعب وممن لا يريدون للبلاد إلا كل الخير والأمن والأمان وفي مقدمتهم الأخ المشير عبدربه منصور هادي الذي استطاع أن يترجم الحكمة اليمانية في مواقفه وتعامله وسياساته مع كل المواقف الحرجة والمشاكل الكبيرة، واستطاع أن يخرج اليمن إلى البر الآمن البعيد عن الإعصارات والبراكين التي كادت أن تهدّد اليمن والقذف به إلى المستنقع المجهول.. إلى هنا نقول الحمد لله الذي ألهمنا إلى ما وفقنا إليه وجنّبنا والبلاد الويلات والحروب، وكانت بلادنا هي الاستثناء من بلدان الربيع العربي التي نراها اليوم تدمّر وتُحرق على أيدي أبنائها، وما يدور في سوريا وليبيا والعراق قد جعل اليمن هي الاستثناء لكل تلك الأعمال التدميرية التي قضت على الأخضر واليابس وأعادت تلك البلدان إلى عشرات السنين من التخلّف مع أن إعادة بناء ما دمّرته تلك الحروب تحتاج إلى مئات المليارات من الدولارات كانت هي أحوج ما تكون إليه في البناء والتطور.
لذا أقول إنه مهما وصلت بنا الأحوال من سوء؛ إلا أننا مازلنا أحسن من غيرنا، وعلينا أن نُحكم العقل قبل العاطفة والمصلحة، ونجعل من مصلحة اليمن هي هدف كل واحد منا فهي ملكنا جميعاً وعلينا بناؤها وهذا واجب وطني وأخلاقي.
في الأخير لابد لنا أن نحتفل بأعيادنا الدينية والوطنية مهما كانت المنغّصات، وعلينا أن نتسامى فوق الجراح ونجعل من الماضي خلفنا وننظر إلى مستقبل بلادنا وأجيالنا القادمة فهم أمانة في أعناقنا، وعلينا أن نهيّئ لهم ظروف الحياة والعيش الكريم، كما علينا أن نستفيد من غيرنا ممن يبنون أوطانهم حتى أوصلوها إلى مستويات متقدّمة من التطوّر والنماء حتى انعكس ذلك إيجاباً على حياتهم في العيش الكريم.
في الأخير علينا أن نحتفل بهذا العيد وننسى همومنا وخلافاتنا ونتحسّس من هم محتاجون إلينا من الفقراء والمحتاجين لتكتمل الفرحة وتعمّ السعادة كل ربوع اليمن السعيد، وكل عام والجميع بخير.