يبدو أن تاريخ الرهائن ومآسيهم يلاحق هذه البلاد من الإمامة حتى «القاعدة» لكنه تاريخ خيباتنا وتقييد حلم الحرية وكرامة الفرد، تاريخ خطف الدولة وتشويه الدين، تاريخ الترهيب المهووس والإرهاب الأعمى والبدائية الدموية الغاشمة التي لا يمكن أن يتباهى بها أحد، تاريخ السُلط المشينة والجماعات البغيضة التي تستغل الدين سياسياً وتثخن هذا المجتمع بالصدمات المتوالية والعنف الذي لا ينتهي.
لذلك حين رأيت والدة الصحافي الأمريكي "لوك سامرز" وهي تناشد في الفيديو مع شقيقه للإفراج عنه، سرعان ما تذكّرت الزامل الإنساني الشهير في رواية الرهينة الخالدة التي جسّدت محنة الرهائن قديماً: «يا رهينة؛ قد امك فاقدة لك؛ دمعها كالمطر».
والحاصل هو أن خجلي يزداد من هذه البلاد جرّاء ميتته الفاجعة رفقة الرهينة الآخر الجنوب أفريقي دون أي ذنب ارتكباه، في حين يستمر سخطي على من يصادرون السلام في هذه البلاد ويتواصون بالشر، كما يغيبون منها العقل والحس والفطرة الإنسانية السويّة.
بمعنى آخر.. يا للعار الذي يكرّسه التطرُّف في مجتمعاتنا، ويا للتردّي القيمي والوطني والديني؛ كذلك يتفاقم الوجع جرّاء توافق الذكرى السنوية لجريمة مستشفى مجمّع الدفاع في العرضي مع مصرع الرهينتين.
بينما تتوالى في أذهاننا مجدّداً كل تلك المشاهد الوحشية للجريمة الرهيبة التي هزّت المجتمع في الصميم؛ إلا أننا حتى اللحظة لا نعرف أي تفاصيل عن الجريمة سوى ما أقرّته «القاعدة» عن مسؤوليتها.
ويا ترى ما الذي فعلته بالضبط لجنة التحقيق في المجزرة، ثم إلى متى سنظل نعاني مآسي الفهم المغلوط للدين واستهداف الأجانب والأبرياء ونسف علاقتنا ببعضنا البعض ونحن والآخر..؟!.
باختصار شديد.. قلوبنا مع أهالي الضحايا وهم يعانون ما سبّبه الإرهاب في نفسياتهم من فقدانات فادحة وجروحات لا تندمل.
fathi_nasr@hotmail.com