تنتـصب أمـام المرحلة الراهنة من عملية التحوُّل السياسي تحدّيات عديدة تتطلّب قدراً كبيراً من شجاعة الموقف الذي سيكون بمثابة امتحان حقيقي لكافّة القوى والمكوّنات الحزبية الممثّلة في مجلس النواب إزاء استحقاق منح حكومة الكفاءات الثقة؛ الأمر الذي يتطلّب موقفاً إيجابياً من كافة المكوّنات الممثّلة تحت قبة البرلمان تجاه استحقاق منح الحكومة الثقة وبمعزل عن حالة المناكفات الحزبية والحسابات الخاصة التي تعتمل في ذهنية البعض.
ويبدو أن أول استحقاق في إطار هذه العملية مسؤولية هذه النُخب في تعاطيها الإيجابي والمسؤول مع هذا الاستحقاق وبما يمنح الحكومة الفرصة المتاحة لكي تقوم بمهامها خلال الفترة القادمة وعلى نحو تتمكّن معه من ترميم جانب من أخطاء الماضي والبدء في إعادة البناء قدر المستطاع وفي ضوء المسؤوليات الملحّة المطروحة أمامها خلال الفترة القليلة القادمة.
وبالمناسبة لقد تابعت تصريحات بعض الوزراء ومنهم وزيرة الإعلام ووزير التخطيط وغيرهما عبر سلسلة المقالات والتصريحات التي ينشرونها أن فرص البناء تكاد تكون معدومة ما لم تتضافر جهود الجميع في التعاطي الإيجابي مع المهام الكبيرة المنتصبة أمام الحكومة، فضلاً عن ضرورة التقاط الفرصة الأخيرة المتاحة أمام اليمنيين واستثمارها في الوجهة الصائبة التي تحقّق الحد الأدنى من التوافق والشراكة؛ وبالتالي توظيف القدرات والإمكانات في عملية التنمية وانتشال الأوضاع المعيشية للمواطنين من حالة الفقر والبطالة، فضلاً عن ضرورة التمسُّك بهدف منع المزيد من توسيع شقّة الاختلاف بين مكوّنات المجتمع ومخاطر الذهاب إلى مربعات الانقسام والتشظّي.
ولست أضيف إلى ما تفضّل به أولئك الوزراء إلا في ضرورة أن تتحمّل هذه الحكومة مسؤوليتها كاملة في الوفاء بملامح خططها المستقبلية ودون تباطؤ أو تكاسل مهما كانت طبيعة التحدّيات والصعوبات التي قد تواجهها، خاصة أن الجميع يعوّل على هذه الحكومة القيام بالشيء الكثير، بل إن أغلب المواطنين يعتبرونها بمثابة حبل الإنقاذ الأخير الذي تبقّى لانتشال الحالة الراهنة من الضياع.
لقد بات الجميع يدرك مخاطر بقاء الحالة الراهنة من التباين داخل المكوّنات الحزبية والسياسية على حاضر ومستقبل التجربة؛ وبالتالي إمكانية انسحاب مخاطرها على الوطن كاملاً، الأمر الذي يستدعي ضرورة تضافر الجهود الوطنية في معركة التحدّي الحقيقي إما نكون أو لا نكون؛ وذلك من خلال عقد حوار يستجيب لتلك التحدّيات من أجل محاصرتها من خلال وضع آليات عمل تسهم فيها كافة الأطراف وبحيث تتحمّل مسؤوليتها تجاه هذه الاستحقاقات دون سلبية أو ابتزاز؛ ما لم فإن الحكومة ليس بمقدورها منفردة مجابهة ومعالجة تلك الصعوبات وإن كانت حالياً هي المسؤولة عن إنجاز هذا المشروع النهضوي؛ خاصة وقد تقدّمت صفوف المعركة التي لا يمكن معها غير الانتصار.