لم تمر سوى ساعات فقط على إعلان أحزاب " اللقاء المشترك " المعارضة أسماء أعضاء المجلس الوطني حتى جاءت ردود الأفعال الرافضة لهذا المجلس من داخله قبل أي مكان آخر, فالصبغة الوطنية التي حاول المشترك الباسها كثوب لهذا المجلس تمزقت في ساعات قليلة بإعلان معظم الشخصيات الجنوبية وفي مقدمتهم الرئيس السابق علي ناصر محمد ورئيس الوزراء السابق حيدر العطاس ووزير الدفاع السابق هيثم قاسم طاهر ورئيس حزب الإصلاح في محافظة حضرموت محسن باصرة رفضهم لهذا المجلس وإعلانهم أنهم تفاجئوا بأسمائهم تعلن عبر المشترك في هذا المجلس, ناهيك عن الحوثيين الذين كان لهم ذات الموقف وربما كان اشد من الجنوبيين لأنهم أكدوا أن هذا المجلس لا يعنيهم في شيء, ومن قبلهم كان موقف الشيخ ناجي الشائف زعيم قبيلة بكيل الذي استغرب ورود اسمه ضمن قوائم المجلس وشخصيات ومشائخ قبائل آخرين, إضافة إلى حزب "رأي" الذي كان له موقفه المستقل واستغرابه ورود أسماء ثلاثة من قياداته في ذلك المجلس الذي يختلف كلية عن المجالس السابقة المعلن عنها سواء من قبل معتصمين في الساحات مطالبين بإسقاط النظام أو مجلس توكل كرمان حتى أصبحت المسألة محيرة للمراقبين : هل هي ثورة مجالس أم مجالس للثورة , فإن كان الأخيرة فأي فرق بين هذه المجالس التي تعلن بين الحين والآخر وبين مجلس الشيخ صادق الأحمر في منزل والده بالحصبة لأنها ما تلبث أن تمتلئ بالحاضرين وسريعا ما تنفض بمن فيها دون نتيجة.
ويبدو أن المشترك قد وصل إلى حالة من الارباك وعدم التمييز التي لايحسد عليها, وكأنه يرمي بحجار حظ فان أصابت كان بها وإن خابت فهي خائبة منذ البداية, فهو عندما يقوم بوضع أسماء لأناس لم يستشاروا ويصور الأمر بأنه وطني مع أنه غير ذلك ويحاول فرض رؤى سياسية ومشاريع تحدد مصير بلد على أحزاب وتكتلات وشخصيات سياسية واجتماعية فإنما أراد بذلك توجيه رسالة إلى الخارج والداخل بأنه القوة المسيطرة على الساحة السياسية و" الحراك الثوري " والاعتصامات والمظاهرات وأنهم صاحب الكلمة الأولى على الشباب المعتصمين المطالبين بإسقاط النظام, ومن جهة ثانية أرادوا تصوير ما يجري حاليا في اليمن هو أن" ثورة المشترك " قد أنجزت وأنه يقطف الآن ثمارها ويوزع ثورتها على كل ناقم أو غاضب على النظام القائم, غير أن الصفعات التي تلقاها المشترك من مختلف الجهات وفي مقدمتهم الحوثيين الذين بردهم القاسي على اعلان المشترك المجلس المزعوم حاولوا إيصال رسالة إلى المشترك انهم الأقوى بالساحة وانهم القوة الفعلية الموجودة على الأرض وان ما يقوم به المشترك هو تجاوز لايمكن ان يسمح به الحوثيين.
لقد خسر المشترك سياسيا الكثير بسبب مشاريعه الفاشلة التي ينفذها ولاتستند الى أي سند قانوني او غطاء شعبي والتي اعتمد فيها على التصعيد وإثارة المشاكل والأزمات والعنصرية وفتح جبهات متعددة اغلبها مكشوفة للمواطن ولكل المراقبين السياسيين داخليا وخارجيا
وهو مؤشر قوي يدل على التخبط السياسي للقاء المشترك الذي يتلقى الضربة تلو الأخرى في كل مخططاته الذي يحاول تنفيذها من اجل التقليل من حجم الدولة القائمة والنظام القائم الذي بهرهم في المواجهة والتنظيم والإعداد والالتفاف الشعبي الذي يزيد يوما بعد يوم وبالذات حول القيادة السياسية ممثلة بفخامة الاخ الرئيس علي عبد الله صالح رئيس الجمهورية الشرعي والدستوري الذي استطاع بحكمته وصبره المعهودين ان يسحب البساط من تحت اقدام المشترك ‘ واصبح هذا الاخير في العراء كأبن للخطيئة منبوذ من كل فئات الشعب وهذا امر لم يكونوا يتوقعوه ،ومايزيد الطين بله هوان التكوين الايديولوجي لأحزاب اللقاء المشترك مكون من عدة متناقضات وهي متناقضات مركبة تظهر في السطح عندما يتضرر طرف أوتمس مصالحه او استراتيجياته التي اعدها باجندات محددة بعضها من الداخل وأخرى من الخارج ، لذا تجدهم لايستطيعون الإجماع على رأي واحد قد يوحد قواهم ويخرجهم من النفق المظلم الذي يعيشونه ، ويعتبر المجلس الانتقالي لم يعيش
فضلا عن ذلك الفوضى التي دخلتها أحزاب اللقاء المشترك بسبب السيطرة الواضحة التي أبداها حزب الإصلاح "إخوان اليمن " في الساحة من خلال أعمال التخريب والتقطع والهجوم على المعسكرات وسلب كل ما يجدونه أمامهم ، إن الوضع الراهن للمشترك خاصة بعد الصفعة القوية التي تلقاها المشترك اثر فشل المجلس والتي أثرت عليه سلبا محليا وخارجيا وأصبح اليوم يبحث عن قارب نجاة ليخرج من هذه المآزق السياسي الذي وضع نفسه فيها خاصة بعد أن احرق كل أوراقه بما فيها ورقة الانتخابات المبكرة والتي رفضها لمعرفته المسبقة انه لن يستطيع تحقيق شيء من ما يتطلع اليه عبر صناديق الاقتراع وانه سيتراجع إلى الوراء مقارنة بانتخابات 2006م ، كما رفض الجلوس على طاولة الحوار لمعرفته ايضا انه فاقدا للحجة ولانه سيتعرى أمام الرأي العام وستتضح للمواطنين عوراته وألاعيبه التي ظل يتستر عليها ردحا من الزمن وكأن لسان حال المشترك يقول اليوم "ارجم صابت والاخابت " وهو ما يعني ان المشترك وصل إلى مرحلة الانتحار السياسي الذي لاعودة من بعده وسيخسر ما تبقى له من القاعدة الجماهيرية ، وبالتالي نقول للمشترك ان عليه اليوم وقبل فوات الأوان أن يعيد النظر في مخططاته ورهاناته الخاسرة التي اعتمد عليها واستقاها من أجندات خارجية هدفها الإضرار بالوطن ووحدته وأمنه واستقراره ، وان الصفعة الأخيرة المتمثلة بفشل المجلس الذي ولد ميتا كافية لان تجعل المشترك ومن حوله التفكير الف مرة قبل الإقدام على أي خطوة لاحقة قد تكون المسمار الأخير في نعشه |