وصلتني صورة بالواتس آب مباشرة اليوم الثاني بعد احتفالنا باليوم العالمي للمرأة في 8 مارس فيها شكل رجل كأنه من رجال العصر الحجري ويقول: “اليوم العالمي للمرأة انتهى.. مرحباً بكم في 364 يوماً للرجل”.
طبعاً القصد من الرسالة التنكيت والتندر بالمفارقات بين وضع النساء والرجال بشكل عام. الرسالة وصلتني من صديقة من بيروت، وبالتالي لسنا في اليمن مقصودين بها بشكل خاص، لكنها في نفس الوقت تتحدث عن مفارقة، وهي أن الاحتفاء العالمي بالمرأة وكيف أنه بالرغم من الزخم الإعلامي وتهنئتنا لبعضنا البعض نحن معشر النساء، يوم المرأة العالمي لا معنى له.
الأيام العالمية بشكل عام لا معنى لها. يوم الشجرة، يوم الأم، يوم الحب، يوم الوطن، يوم الثورة، يوم الجهاد في سبيل الله ويوم اللون البنفسجي.
أصلاً هناك حبكة تجارية وراء معظم الأيام العالمية من أجل إيجاد سوق لمنتجات وفعاليات لم تكن لتباع أو تنفذ لو لم يتم اختراع هذه الأيام.
لكن كل الأيام العالمية، والوطنية تبدأ بفكرة نبيلة. فمن يستطيع أن يعترض على يوم مولد النبي صلى الله عليه وسلم، أو يوم الاستقلال؟.. فمن ناحية المبدأ هي تواريخ حدثت فيها مناسبات هامة أو تم اختيارها لتذكر قضايا كبيرة في تاريخ الإنسانية بشكل عام أو على المستوى الوطني.
لكن بعد أن ينتهي ذاك اليوم وتذوي المعمعة التي تم ابتكارها معه ننساها تماماً ونلتفت إلى حياتنا برتابتها اليومية. بالنسبة لي أهم ما في هذه المناسبات هو الإجازة الرسمية إن وجدت والذي يكون مدعى حقيقياً للاحتفال!.
أنا لا اقصد التقليل من شأن القضايا التي تكمن وراء الكثير من هذه الأيام والمناسبات العالمية، بل بالعكس، الكثير منها قضايا وطنية خالصة وملفات عالمية مصيرية. قضية المرأة بالذات في اليمن قضية جوهرية ويجب التعامل معها بجدية.
وذلك لأن وضع المرأة اليمنية بشكل عام وضع حزين والمؤشرات التنموية تعطي صورة مقلقة، سواء من ناحية الصحة، حيث تموت ثمان نساء يومياً بسبب الولادة غير الآمنة، أو التعليم، حيث إنه من بين كل عشر نساء يمنيات ثلاث فقط هن اللواتي يكملن تعليمهن الثانوي، أو من ناحية اقتصادية، حيث إن نسبة النساء المنخرطات في سوق العمل المنظم لا تزيد عن 20 %، بمعنى أن الاقتصاد اليمني يخسر على الأقل 30 % من الأيدي العاملة التي كان من الممكن استثمارها في الإنتاج وإدرار الدخل.
صحيح أننا كنساء يمنيات حققنا إنجازات رائعة لم نكن نتوقعها في المجال السياسي والعام. وتمثيل المرأة في مؤتمر الحــوار الوطنــي وخروجه بقرار تخصيص 30 % على الأقل من مواقع اتخاذ القرار للمرأة يعد إنجازاً كبيراً.
المشكلة - كالمعتاد - في التطبيق، وقد لاحظنا سابقاً كيف أن هناك فرقاً بين الكلام والفعل. وحتى في مؤتمر الحوار الوطني كان التطبيق قاصراً، حيث وجدت امرأة واحدة فقط في رئاسة المؤتمر بين 8 رجال ومثلت أقل من 20 % في لجنة التوفيق وحوالي 17 % في لجنة الأقاليم والآن توجد أربع نساء فقط في قوام لجنة صياغة الدستور.
في حال استمرار هذا المنوال وأن يتم إعلان الهيئة التأسيسية الوطنية بتواجد للمرأة أقل من 30 %، تصبح حتى الإنجازات السياسية التي كنا فخورين بها بلا معنى.
لذا، ونحن نحتفل بهذه المناسبة الجميلة، يجب أن نتذكر أن المرأة اليمنية تستحق أكثر من يوم واحد في السنة وأكثر من قرارات تبقى حبراً على ورق، وكل عام وأنتم بخير.