أتفق تماماً مع المضمون الذي احتواه مقال الكاتب صادق القاضي المنشور في عدد أمس الأول من هذه الصحيفة، خاصة تلك الجزئية المرتبطة بأهمية التشديد مجددًا على توحيد التعليم.. وتحديد التعليم الجامعي ،حيث لاتزال بعض هذه الجامعات خارج دائرة اشراف وزارة التعليم العالي .. وهي إحدى الاشكاليات التي تؤرق أذهان الجميع بالنظر إلى مخرجاتها التي لا تستقيم مع ثوابت الأمة وتماسك المجتمع.
وفي هذا الصدد، لست أضيف جديدًا إلى ما أشرت إليه في أن مشكلات المجتمع في أبعادها الاجتماعية والاقتصادية والأمنية، فضلاً عن بروز تحديات تنامي ظواهر الانغلاق الفكري والتزمُت خلف أفكار عصبوية وجهوية ومذهبية ما أنزل الله بها من سلطان .. أقول بأن جُل هذه الاشكاليات والتحديات ناجمة عن غياب الاهتمام بالتعليم في مستوياته المختلفة وعلى نحو خاص ازدواجية هذا التعليم العالي تارة وتفخيخه من داخل المناهج الدراسية تارة أخرى بالإضافة إلى غياب الرقابة الصارمة واعتماد سياسة واحدة تجاه أساسيات التعليم وبما من شأنه ترسيخ مفاهيم الوحدة الوطنية ونبذ مظاهر التعصب والتشدد باعتبار أن الدين الاسلامي الحنيف يقوم على معايير السماحة والوسطية والاعتدال .
ومن المناسب هنا أيضاً التأكيد بأن انفلات بعض الجامعات وعدم انضباطية أدائها في سياق منظومة التعليم الذي تشرف عليه مؤسسات التعليم الحكومية سوف يرتب أعباء على بنيه وتماسك المجتمع، إذ إن غياب هذا الاشراف قد أثر كثيراً في تنامي مخرجات التشدد والغلو والعنف وعلى نحو يهدد السلم الاجتماعي ووحدة الانتماء الوطني والمصير المشترك للأمة.
ومع الأسف الشديد فإن ـ وبعد كل هذه المآسي التي نعيشها اليوم جراء هذه الازدواجية ـ فلا يزال البعض يكرس استحضار هذا النمط من رفض القبول بالمنظومة التعليمية الرسمية ويعمل على تأسيس قنواته الخاصة به ..وكأن دروس الماضي بكل مراراته لم تعلمنا ـ بما فيه الكفاية ـ مخاطر وتبعات تلك التجارب المريرة ، خاصة ونحن نلمس مخرجاتها السلبية في اتجاهات مظاهر العنف والتطرف والارهاب ، فضلاً عن نشوء بؤر خطيرة تتخرج منها كوادر متعصبة لا تؤمن بالرأي والرأي الآخر ولا تقيم وزنًا للحياة الآدمية ومبادئ العيش المشترك.. فهل نصحو على قرارات جادة وشجاعة لإنهاء هذا الوضع الاستثنائي والسيئ الذي يجعل من بعض مدارس التعليم الجامعي خارج دائرة الاشراف الحكومي ؟ أم إن هذا الأمر سيستمر على هذا المنوال من التجاهل والتغاضي حتى موعد الانفجار الكبير ؟!
-