سجّلت مصر مؤخراً اختراقاً غير مسبوق في جذب الاستثمارات الخارجية وفي ظل ظروف استثنائية تمرُّ بها أرض الكنانة وهي تعيش فترة عصيبة وباقي دول المنطقة العربية التي تعيش هي الأخرى اختلالات أمنية تجعل منها بيئة طاردة للاستثمارات جرّاء اتساع نطاق التطرّف والإرهاب. 

إن التساؤل المطروح عن الكيفية التي نجحت فيها مصر في حشد هذه الاستثمارات الكبيرة وبتلك الوتيرة والتفاعل والحضور العالمي والتي جعلت منها في لحظة فارقة مركز التقاء لجذب تلك الاستثمارات ومن مختلف الأمصار.. أن مردّ ذلك – في تصوّري – يعود إلى عبقرية الإنسان والمكان في هذه الرقعة من الأرض، فضلاً عن قدرة القيادة المصرية وتحلّيها باتخاذ القرار المناسب في التوقيت المناسب وامتلاكها الرؤية من منطلق معرفتها بثقل ومكانة مصر وموقعها الجيو ـ ستراتجي وهي ـ وإن كانت عوامل متعدّدة ـ إلاَّ أنها تتضافر جميعها وفي الإطار الذي أنجز هذه المعجزة التي صنعها المصريون لجذب هذه الاستثمارات الضخمة التي حصدت في مرحلتها الأولى قرابة 36 مليار دولار وفي نهايتها استثمارات بنحو 97 مليار دولار. 

والحقيقة فإن ثمة ما يستدعي الإشادة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي استطاع وخلال فترة قصيرة محاصرة بؤر الإرهاب التي استهدفت – ولاتزال – استقرار وتماسك المجتمع المصري الشقيق وتعريض مصالحه القومية والوطنية لمخاطر تهميش مصر ودورها التاريخي والطليعي في نهضة الأمة وتطوّرها. 

وبالقطع فإن حسم هذه الجزئية ـ تحديداً ـ هو ما تحتاجه بعض الأقطار العربية التي تعيش حالة تجاذب سياسي وأمني واضح وتقف متردّدة عند نقطة تحوّل في تحديد خيارات الحاضر والمستقبل.. ومنها – دون شك- اليمن الذي يعيش حالة خطيرة من التداعيات على أمنه واستقراره، الأمر الذي يستدعي - بالضرورة- المبادرة لالتقاط الفرصة الأخيرة وإنقاذ ما يمكن إنقاذه قبل فوات الأوان. 

وأخيراً فإن استحضار الإنجاز الذي حققه المصريون في إطار حسم شرعية النظام.. وبالتالي البدء في ترسيخ قيم دولة النظام والقانون ومكافحة الإرهاب هو ما يحتاجه اليمنيون ومناطق الاحتراب العربي بهدف إعادة الاستقرار والتماسك المجتمعي، ومن ثم إعادة كسب ثقة الآخر كمقدمة لجذب الاستثمارات.. وهو ما نجح فيه المصريون بامتياز.