الخيال ملهم وأنيق وينقل المرء إلى نتائج عظيمة على الدوام. في حين أن الأحلام مجرد أمنيات إذا لم يمتلك المرء إرادة لتحقيقها فإنها - مع الوقت - لا تصير أكثر من كونها نافورة تعيد تكرار نفسها فحسب.
يحدث مثلاً أن يعيش أحد الناس حالما بتحقيق الوحدة العربية، ولكنه يجن ويتضايق ويذهب إلى قسم الشرطة ليشتكي بأحد جيرانه لمجرد أنه فتح شباك النافذة على بيته المقابل له في نفس الرصيف؟! على عكس الخيال الذي هو أساساً عملية متعلقة - دائماً – بالابتكار متى ما استطاع المرء تنقية خياله والاحتفاظ به كعملية روحية مهمة من شأنها أن تقود باتجاه الحياة الملهمة.
حين نقرأ القرآن – مثلاً - فإن لحظات الصمت والسكينة التي نعيشها ونحن نتفكر في آيات الله، يفترض أن تمنح الخيال الإنساني القدرة على الإنتاج والفعل والعمل ، وأستغرب كيف أن البعض - إن لم يكن الغالبية - يقرأون أعظم كتاب مسخر للبشرية ويفرغون منه بنتائج لا تعدو عن كونها ثقافة شفهية، مع أن القرآن الكريم كتاب حياة وليس موروثاً شفهياً، يحفظوه – كما يفعل البعض- ويتناقلوه دون تأمل. او يقرأوه بحس المخبر الذي يبحث عن إدانات وأحكام تقوّض تطور الحياة وتعاقب حاجة البشرية للتقدم.
التأمل أهم ما يحتاجه الخيال المثمر والمبدع، وليس هناك ما يقتل الخيال أكثر من العيش في الحياة بإحساس وسلوك المتطفل على كل شيء.
يبدو أنني تفلسفت حبتين في هذا المقال، سامحوني، لقد أردت أن أهرب - بقدر الإمكان - من قرف السياسة اللعين.
وأعترف لكم أنني كتبت هذا المقال وأنا أتخيّل أن مجتمع الفضيلة – تحديداً - هو الذي سيقرأه الآن.
Fekry19@gmil.com